قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

اللّباب في علوم الكتاب [ ج ٨ ]

417/552
*

بسطه وفتح مغلقه ، وهو استعارة في المعاني ، حقيقة في الأعيان. و «للإسلام» أي : لقبوله.

قوله : (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً).

يجوز أن يكون الجعل هنا بمعنى التّصيير ، وأن يكون بمعنى الخلق ، وأن يكون بمعنى سمّى ، وهذا الثّالث ذهب إليه المعتزلة ، كالفارسي وغيره من معتزلة النّحاة ؛ لأن الله ـ تعالى ـ لا يصيّر ولا يخلق أحدا كذا ، فعلى الأوّل يكون «ضيّقا» مفعولا ثانيا عند من شدّد ياءه ، وهم (١) العامّة غير ابن كثير ، وكذلك عند من خفّفها ساكنة ، ويكون فيه لغتان : التّثقيل والتّخفيف ؛ كميّت وميت ، وهيّن وهين.

وقيل : المخفّف مصدر ضاق يضيق ضيقا ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ) [النحل : ١٢٧] ، يقال : ضاق يضيق ضيقا وضيقا بفتح الضّاد وكسرها.

وبالكسر قرأ ابن كثير (٢) في النحل (٣) والنّمل (٤) ، فعلى جعله مصدرا يجيء فيه الأوجه الثلاثة في المصدر الواقع وصفا ل «جثّة» ، نحو : «رجل عدل» وهي حذف مضاف ، والمبالغة ، أو وقوعه موقع اسم الفاعل ، أي : يجعل صدره ذا ضيق ، أو ضائقا ، أو نفس الضّيق ؛ مبالغة ، والذي يظهر من قراءة ابن كثير : أنه عنده اسم صفة مخفّف من «فيعل» وذلك أنّه استغرب قراءته في مصدر هذا الفعل ، دون الفتح في سورة النّحل والنّمل ، فلو كان هذا عنده مصدرا ، لكان الظّاهر في قراءته الكسر كالموضعين المشار إليهما ، وهذا من محاسن علم النّحو والقراءات ، والخلاف الجاري هنا جار في الفرقان (٥).

وقال الكسائي : «الضّيّق بالتّشديد في الأجرام ، وبالتّخفيف في المعاني».

ووزن ضيّق : «فيعل» كميّت وسيّد عند جمهور النّحويّين ثم أدغم ، ويجوز تخفيفه كما تقدّم تحريره.

قال الفارسيّ : «والياء مثل الواو في الحذف وإن لم تعتلّ بالقلب كما اعتلّت الواو ، اتّبعت الياء الواو في هذا ؛ كما أتبعت في قولهم : «اتّسر» من اليسر ، فجعلت بمنزلة اتّعد».

وقال ابن الأنباريّ : «الذي يثقّل الياء يقول : وزنه من الفعل «فعيل» والأصل فيه ضييق على مثال كريم» و «نبيل» فجعلوا الياء الأولى ألفا ؛ لتحرّكها وانفتاح ما قبلها من حيث أعلّوا ضاق يضيق ، ثم أسقطوا الألف بسكونها وسكون ياء «فعيل» فأشفقوا من أن

__________________

(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٧٤ ، السبعة ٢٦٨ ، الحجة لأبي زرعة ٢٧١ ، النشر ٢ / ٢٦٢ التبيان ١ / ٥٣٧.

(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٧٤.

(٣) الآية : ١٢٧.

(٤) الآية : ٧٠.

(٥) الآية : ١٣.