٢٣٣٤ ـ كأنّ أصوات ـ من إيغالهنّ بنا ـ أواخر الميس أصوات الفراريج (١)
وقوله أيضا : [الطويل]
٢٣٣٥ ـ تمرّ على ما تستمرّ وقد شفت |
|
غلائل ـ عبد القيس منها ـ صدورها (٢) |
يريد : هما أخوا من لا أخا له في الحرب ، ولأنت معتاد مصابرة في الهيجاء ، وكأن أصوات أواخر الميس وغلائل صدورها ، ومن الفصل بالمفعول قول الشاعر في ذلك : [مجزوء الكامل]
٢٣٣٦ ـ فزججتها بمزجّة |
|
زجّ ـ القلوص ـ أبي مزاده (٣) |
ويروى : فزججتها فتدافعت ، ويروى : فزججتها متمكّنا ، وهذا البيت كما تقدم أنشده الأخفش بنصب «القلوص» فاصلا بين المصدر وفاعله المعنويّ ، إلا أن الفرّاء (٤) قال بعد إنشاده لهذا البيت : أهل المدينة ينشدون هذا البيت يعني : بنصب «القلوص».
قال : «والصّواب : زجّ القلوص بالخفض».
قال شهاب الدّين (٥) : وقوله : «والصّواب يحتمل أن يكون من حيث الرّواية» أي : إن الصّواب خفضه على الرّواية الصّحيحة وأن يكون من حيث القياس ، وإن لم يرو إلا بالنّصب ، وقال في موضع آخر من كتابه «معاني القرآن» (٦) : «وهذا ممّا كان يقوله نحويّو أهل الحجاز ، ولم نجد مثله في العربيّة» وقال أبو الفتح (٧) : «في هذا البيت فصل بينهما بالمفعول به هذا مع قدرته على أن يقول : زجّ القلوص أبو مزادة ؛ كقولك : «سرّني أكل الخبز زيد» بمعنى : أنه كان ينبغي أن يضيف المصدر إلى مفعوله ، فيبقى الفاعل مرفوعا على أصله ، وهذا معنى قول الفرّاء الأوّل «والصّواب جر القلوص» يعني ورفع الفاعل». ثم قال ابن جني (٨) : وفي هذا البيت عندي دليل على قوّة إضافة المصدر إلى الفاعل عندهم ، وأنه في نفوسهم أقوى من إضافته إلى المفعول ؛ ألا تراه ارتكب هذه الضّرورة
__________________
(١) البيت لذي الرّمة ينظر : ديوانه ٩٩٦ ، الكتاب ١ / ١٧٩ ٢ / ١٦٦ ، ٢٨٠ ، شرح أبيات سيبويه ١ / ٩٢ ، الخصائص ٢ / ٤٠٤ ، سر صناعة الإعراب ١٠ ، الإنصاف ٤٣٣ ، خزانة الأدب ١٤ / ١٠٨ ، ٤١٣ ، ٤١٩ ، الحيوان ٢ / ٣٤٢ ، جمهرة اللغة ٨٦٣ ، المقتضب ٤ / ٣٧٦ ، كتاب اللامات ١٠٧ شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ١٠٨٣ ، شرح المفصل ١ / ١٠٣ ، ٣ / ٧٧ ، ٤ / ١٣٢ رصف المباني ٦٥ ، الدر المصون ٣ / ١٨٩.
(٢) ينظر : الإنصاف ٢ / ٤٢٨ ، تفسير القرطبي ٧ / ٩٢ ، الخزانة ٤ / ٤١٣ ، حاشية الكشاف للتفتازاني ٢ / ٣٥٤ ، شرح الكافية الشافية ٢ / ٩٩١ ، الدر المصون ٣ / ١٨٩ وشهادته على الفصل بين المتضايفين وهما «غلائل صدورها» بغير الظرف والأصل «وقد شفت غلائل صدورها عبد القيس منها».
(٣) تقدم.
(٤) ينظر : معاني القرآن ١ / ٣٥٨.
(٥) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٩٠.
(٦) ينظر : معاني القرآن ١ / ٣٥٨.
(٧) ينظر : المحتسب ٢ / ٤٠٦.
(٨) ينظر : المحتسب ٢ / ٤٠٦.