القول قول الفرّاء (١) والأوّل له ولأبي إسحاق الزّجّاج (٢) ، والثاني للكسائي ، وإذا قيل : إنها مصدر كان ذلك على حذف مضاف ، أي : ذو خلوص ، أو على المبالغة ، أو على وقوع المصدر موقع اسم الفاعل ؛ كنظائره كقول الشاعر :
٢٣٥٥ ـ وكنت أمنيّتي وكنت خالصتي |
|
وليس كلّ امرىء بمؤتمن (٣) |
قال الكسائي : خالص وخالصة واحد ، مثل وعظ وموعظة.
وهو مستفيض في لسانهم : فلان خالصتي ، أي : ذو خلوصي.
و «لذكورنا» متعلّق به ، ويجوز أن يتعلّق بمحذوف على أنّه وصف ل «خالصة» ، وليس بالقويّ.
وقرأ عبد الله وابن جبير ، وأبو العالية والضّحّاك ، وابن أبي عبلة : «خالص» مرفوعا على ما تقدّم من غير هاء ، و «لذكورنا» متعلّق به ، أو بمحذوف كما تقدّم ، وقرأ ابن جبير ، نقله عنه ابن جنّي (٤) : «خالصا» نصبا من غير تاء ، ونصبه على الحال وفي صاحبه وجهان :
أظهرهما : أنه الضّمير المستتر في الصّلة.
الثاني : أنه الضّمير المستتر في «لذكورنا» فإن «لذكورنا» على هذه القراءة خبر المبتدأ ، وهذا إنّما يجوز على مذهب أبي الحسن ؛ لأنه يجيز تقديم الحال على عاملها المعنوي ، نحو : «زيد مستقرّ في الدّار» والجمهور يمنعونه ، وقد تقدّم تحقيقه.
وقرأ (٥) ابن عباس أيضا ، والأعرج ، وقتادة : «خالصة» نصبا بالتّأنيث ، والكلام في نصبه وتأنيثه كما تقدّم في نظيره ، وخرّجه الزمخشري على أنه مصدر مؤكّد كالعاقبة.
وقرأ ابن عبّاس أيضا ، وأبو رزين ، وعكرمة ، وأبو حيوة : «خالصة» برفع «خالص» مضافا إلى ضمير «ما» ، ورفعه على أحد وجهين :
إما على البدل من الموصول ، بدل بعض من كلّ ، و «لذكورنا» خبر الموصول.
وإما على أنّه مبتدأ ، و «لذكورنا» خبره ، والجملة خبر الموصول ، وقد عرفت ممّا تقدّم أنه حيث قلنا : إن «خالصة» مصدر أو هي للمبالغة ، فليس في الكلام حمل على معنى ثم على لفظ ، وإن قلنا : إن التّأنيث فيها لأجل تأنيث ما في البطون ، كان في الكلام الحمل على المعنى أوّلا [ثم على اللّفظ في قوله : «محرّم» ثانيا ، وليس لذلك في القرآن نظير ، أعني : الحمل على المعنى أوّلا](٦) ثم على اللّفظ ثانيا ، إلّا أن مكّيا زعم في غير
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن ١ / ٣٥٩.
(٢) ينظر : معاني القرآن ٢ / ٣٢٤.
(٣) ينظر : روح المعاني ٨ / ٣٥ ، الدر المصون ٣ / ١٩٧.
(٤) ينظر : المحتسب ١ / ٢٣٢.
(٥) ينظر : إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٣٥ ، الدر المصون ٣ / ١٩٦.
(٦) سقط في ب.