رجّح البدل ، وهنا الكلام نفي فيترجّح نصبه عند التّميميّين على البدل ، دون النّصب على الاستثناء ؛ فنصبه من وجهين : وأمّا الحجاز : فنصبه عندهم من وجه واحد ، وظاهر كلام أبي القاسم الزّمخشريّ أنه متّصل ؛ فإنه قال (١) : «محرّما» أي : طعاما محرّما من المطاعم التي حرّمتموها إلّا أن يكون ميتة ، أي : إلّا أن يكون الشّيء المحرّم ميتة.
وقرأ ابن (٢) عامر في رواية : «أوحى» بفتح الهمزة والحاء مبنيا للفاعل ؛ وقوله تعالى : (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ) وقوله : «نبّئوني» ، وقوله أيضا : «آلذّكرين» ثانيا ، وقوله : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ) جمل اعتراض بين المعدودات الّتي وقعت تفصيلا لثمانية أزواج.
قال الزّمخشريّ (٣) : «فإن قلت : كيف فصل بين المعدود وبين بعضه ولم يوال بينه؟.
قلت : قد وقع الفاصل بينهما اعتراضا غير أجنبيّ من المعدود ؛ وذلك أنّ الله ـ عزوجل ـ منّ على عباده بإنشاء الأنعام لمنافعهم وبإياحتها لهم ، فاعترض بالاحتجاج على من حرّمها ، والاحتجاج على من حرّمها تأكيد وتشديد للتّحليل ، والاعتراضات في الكلام لا تساق إلا للتّوكيد».
وقرأ ابن عامر (٤) : «إلّا أن تكون ميتة» بالتّأنيث ورفع «ميتة» يعني : إلا أن يوجد ميتة ؛ فتكون تامّة عنده ، ويجوز أن تكون النّاقصة والخبر محذوف ، تقديره : إلا أن يكون هناك ميتة ، وقد تقدّم أن هذا منقول عن الأخفش في قوله قبل ذلك (وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً) [الأنعام : ١٣٩].
وقال أبو البقاء (٥) : «ويقرأ برفع «ميتة» على أن تكون تامّة ، وهو ضعيف ؛ لأن المعطوف منصوب».
قال شهاب الدّين : كيف يضعّف قراءة متواترة؟ وأما قوله : «لأن المعطوف منصوب» فذلك غير لازم ؛ لأن النّصب على قراءة من رفع «ميتة» يكون نسقا على محلّ «أن تكون» الواقعة مستثناة ، تقديره : إلّا أن يكون ميتة ، وإلا دما مسفوحا ، وإلّا لحم خنزير.
وقال مكّي (٦) : وقرأ أبو جعفر (٧) : «إلّا أن تكون» بالتّاء ، «ميتة» بالرفع ثم قال : وكان يلزم أبا جعفر أن يقرأ «أو دم» بالرفع ، وكذلك ما بعده.
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٧٤.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٠٤.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٧٤.
(٤) ينظر : الحجة لأبي زرعة ٢٧٦ النشر ٢ / ٢٦٦ السبعة ٢٧٢ المشكل ١ / ٢٧٥ الفراء ١ / ٣٦٠ إعراب القراءات ١ / ١٧٢ إتحاف ٢ / ٣٧ التبيان ١ / ٥٤٥ الدر المصون ٣ / ٢٠٤.
(٥) ينظر : الإملاء ١ / ٢٦٤.
(٦) ينظر : المشكل ١ / ٨٢٩٦.
(٧) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٢٤٢ ، والدر المصون ٣ / ٢٠٤ والمحرر الوجيز ٢ / ٣٥٦.