ذكر [في أوّل سورة المائدة ، وأكثر العلماء على أنّ التّحريم لا يختصّ بهذه الأشياء مما ذكر ، فالمحرم بنص الكتاب ما ذكر](١) ههنا ، وقد حرّمت السّنّة أشياء :
منها : ما روى ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ ؛ قال : «نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن كلّ ذي ناب من السّباع ، وكلّ ذي مخلب من الطّير».
ومنها : ما أمر بقتله بقوله : «خمس فواسق تقتل في الحلّ والحرم» (٢).
ومنها : ما نهى عن قتله ؛ كنهيه عن قتل النّحلة والنّملة ؛ فهو حرام ، وما سوى ذلك فيرجع إلى الأغلب فيه من عادات العرب ، فما يأكله الأغلب منهم ، فهو حلال ، وما لا يأكله الأغلب منهم ، فهو حرام ؛ لأن الله ـ تبارك وتعالى ـ خاطبهم بقوله : (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) [المائدة : ٤] فما استطابوه فهو حلال.
وقوله : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
أباح هذه المحرّمات عند الاضطرار في غير العدوان ، وتقدم الكلام على نظيرها في البقرة.
قوله : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا) متعلّق ب «حرّمنا» ، وقد يفيد الاختصاص عند بعضهم ؛ كالزّمخشري (٣) ، والرّازي (٤) ، وقد صرّح به الرّازي هنا ، أعني : تقديم المعمول على عامله.
وفي «ظفر» خمس لغات :
أعلاها : «ظفر» بضم الظّاء والفاء ، وهي قراءة العامّة (٥).
و «ظفر» : بسكون العين ، وهي تخفيف لمضمومها ، وبها قرأ الحسن في رواية وأبيّ بن كعب (٦) والأعرج.
و «ظفر» : بكسر الظّاء والفاء ، ونسبها الواحديّ قراءة (٧) لأبي السّمال.
و «ظفر» : بكسر الظّاء وسكون الفاء ، وهي تخفيف لمكسورها ، ونسبها النّاس للحسن أيضا قراءة (٨).
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) أخرجه البخاري (٦ / ٤٠٨) كتاب بدء الخلق : باب إذا وقع الذباب في إناء أحدكم (٣٣١٤) ومسلم (٢ / ٨٥٦) كتاب الحج : باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم حديث (٦٧ / ١١٩٨) من حديث عائشة وقد خرجنا هذا الحديث تخريجا تفصيليا في تعليقنا على بداية المجتهد لابن رشد وخرجنا له شواهد كثيرة.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٧٥.
(٤) ينظر : الرازي ١٣ / ١٨٢.
(٥) ينظر : إتحاف ٢ / ٣٧. الدر المصون ٣ / ٢٠٦.
(٦) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٠٧ ، المحرر الوجيز ٢ / ٣٥٧.
(٧) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٠٦ ، المحرر الوجيز ٢ / ٣٥٧ والبحر المحيط ٤ / ٢٤٥.
(٨) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٢٤٥ ، الدر المصون ٣ / ٢٠٦.