أحدها : أنّه مفعول من أجله ، أي : لأجل تمام نعمتنا.
الثاني : أنّه حال من الكتاب ، أي : حال كونه تماما.
الثالث : أنّه نصب على المصدر ؛ لأنّه بمعنى : آتيناه إيتاء تمام ، لا نقصان.
الرابع : أنه حال من الفاعل ، أي : متمّين.
الخامس : أنّه مصدر منصوب بفعل مقدّر من لفظه ، ويكون مصدرا على حذف الزّوائد ، والتقدير : أتممناه إتماما ، و (عَلَى الَّذِي) متعلّق ب «تماما» أو بمحذوف على أنّه صفة ، هذا إذا لم يجعل مصدرا مؤكّدا ، فإن جعل ، تعيّن جعله صفة.
و «أحسن» فيه وجهان :
أظهرهما : أنه فعل ماض واقع صلة للموصول ، وفاعله مضمر يعود على موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ أي : تماما على الذي أحسن ؛ فيكون الذي عبارة عن موسى.
وقال أبو عبيدة : على كلّ من أحسن ، أي : أتممنا فضيلة موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالكتاب على المحسنين ، أي : أظهرنا فضله عليهم.
وقيل : على المحسنين من قومه ، أي : على من أحسن من قومه ، وكان فيهم محسن ومسيء ، وتدلّ عليه قراءة ابن مسعود : وعلى الذي أحسن.
وقيل : كلّ من أحسن ، أي : الذي أحسنه موسى من العلم ، والحكمة ، والإحسان في الطاعة والعبادة ، وتبليغ الرّسالة.
وقيل : «الذي» عبارة عمّا عمله موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ وأتقنه ، أي : تماما على الذي أحسنه موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ.
والثاني : أنّ «أحسن» اسم على وزن أفعل ، ك «أفضل» و «أكرم» ، واستغنى بوصف الموصول عن صلته ، وذلك أنّ الموصول متى وصف بمعرفة ، نحو : «مررت بالذي أخيك» ، أو بما يقارب المعرفة ، نحو : «مررت بالذي خير منك ، وبالذي أحسن منك» ، جاز ذلك ، واستغني به عن صلته ، وهو مذهب الفرّاء ، وأنشد قوله : [الرجز]
٢٣٨٦ ـ حتّى إذا كانا هما اللّذين |
|
مثل الجديلين المحملجين (١) |
بنصب «مثل» على أنه صفة ل «اللّذين» المنصوب على خبر كان ، ويجوز أن تكون «الّذي» مصدريّة ، و «أحسن» فعل ماض صلتها ، والتقدير : تماما على إحسانه ، أي : إحسان الله ـ تعالى ـ إليه ، وإحسان موسى إليهم ، وهو رأي يونس ، والفراء ؛ كقوله : [البسيط]
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن ١ / ٣٦٥ ، الدرر ١ / ٦٢ وخزانة الأدب ٦ / ٨١ ، سر صناعة الإعراب ١ / ٣٦٥ ، شرح المفصل ٣ / ١٥٣ ، همع الهوامع ١ / ٨٦ شرح الكافية الشافية ١ / ٢٦٧ ، ابن يعيش ٣ / ١٥٣ الدر المصون ٣ / ٢٢٠.