التشبيه بالصفة المشبهة باسم الفاعل وهذا ساقط جدّا ؛ إذ نصّ النحويون على أن معنى شبهها باسم الفاعل في كونها تؤنّث وتثنّى ، وتجمع ، وأفعل من لا تؤنّث ولا تثنّى ولا تجمع ، فلم يشبه اسم الفاعل ، حتّى إنّ أبا حيّان (١) نسب هذا الخباط إلى النّاسخ دون أبي محمد.
قوله : (بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) متعلّق ب «شهيد» ، وكان الأصل : قل الله شهيد بيننا ، فكرّرت «بين» توكيدا ، وهو نظير قوله : [الوافر]
٢١٢١ ـ فأيّي ما وأيّك كان شرّا |
|
فسيق إلى المقامة لا يراها (٢) |
وقوله : [الرجز]
٢١٢٢ ـ يا ربّ موسى أظلمي وأظلمه |
|
أرسل عليه ملكا لا يرحمه (٣) |
وقوله : [الكامل]
٢١٢٣ ـ فلئن لقيتك خاليين لتعلمن |
|
أيّي وأيّك فارس الأحزاب (٤) |
والجامع بينهما : أنّه لمّا أضاف إلى «الياء» وحدها احتاج إلى تكرير ذلك المضاف.
ويجوز أبو البقاء (٥) أن يكون «بيني» متعلّقا بمحذوف على أنّه صفة ل «شهيد» ، فيكون في محلّ رفع ، والظاهر خلافه.
قوله : «وأوحي» (٦) الجمهور على بنائه للمفعول ، وحذف الفاعل للعلم به ، وهو الله تبارك وتعالى.
و «القرآن» رفع به.
وقرأ أبو نهيك (٧) ، والجحدري ، وعكرمة ، وابن السّميفع : «وأوحى» ببنائه للفاعل ، «القرآن» نصبا على المفعول به.
و «لأنذركم» متعلّق ب «أوحي».
قيل : وثمّ معطوف حذف لدلالة الكلام عليه ، أي : لأنذركم به وأبشّركم به ، كقوله
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٩٥.
(٢) البيت للعباس بن مرداس.
ينظر : ديوانه ص (١٤٨) ، خزانة الأدب ٤ / ٣٦٧ ، ذيل الأمالي ص (٦٠) ، شرح أبيات سيبويه ٢ / ٩٣ ، شرح ديوان زهير ص (١١٣) ، شرح المفصل ٢ / ١٣١ ، الكتاب ٢ / ٤٠٢ ، لسان العرب (قوم) (أيا). الدر المصون ٣ / ٢٧.
(٣) تقدم.
(٤) تقدم.
(٥) ينظر : الإملاء ١ / ٢٣٨.
(٦) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٦ ، البحر المحيط ٤ / ٩٥.
(٧) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٩٦ ، الدر المصون ٣ / ٢٦ ، الشواذ ص (٣٦).