والأكنّة : جمع «كنان» ، وهو الوعاء الجامع.
قال الشاعر :
٢١٢٧ ـ إذا ما انتضوها في الوغى من أكنّة |
|
حسبت بروق الغيث تأتي غيومها (١) |
وقال بعضهم : «الكنّ» ـ بالكسر ـ ما يحفظ فيه الشّيء ، وبالفتح المصدر. يقال : كننته كنّا ، أي : جعلته في كنّ ، وجمع على «أكنان» قال تبارك وتعالى : (مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً) [النحل : ٨١].
والكنان : الغطاء السّاتر ، والفعل من هذه المادة يستعمل ثلاثيا ورباعيّا ، يقال : كننت الشّيء ، وأكننته كنّا وإكنانا ، إلّا أن الراغب فرّق بين «فعل» و «أفعل» ، فقال : «وخصّ كننت بما يستر من بيت ، أو ثوب ، أو غير ذلك من الأجسام» ، قال تعالى : (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) [الصافات : ٤٩] وأكننت بما يستر في النفس ، قال تعالى : (أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ) [البقرة : ٢٣٥].
ويشهد لما قال قوله : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) [الواقعة : ٧٧ ـ ٧٨] وقوله تعالى : (ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ) [القصص : ٦٩]. و «كنان» يجمع على «أكنّة» في القلّة والكثرة لتضعيفه ، وذلك أن فعالا وفعالا بفتح الفاء وكسرها يجمع في القلّة على «أفعلة» ك «أحمرة» و «أقذلة» ، وفي الكثرة على فعل ك «حمر» ، و «قذل» ، إلّا أن يكون مضاعفا ك «بتات» (٢) و «كنان» ، أو معتل اللام ك «خباء» و «قباء» ، فيلتزم جمعه على «أفعلة» ، ولا يجوز على «فعل» إلّا في قليل من الكلام كقولهم : «عنن» ، و «حجج» في جمع «عنان» و «حجاج».
قال القرطبي (٣) : والأكنّة : الأغطية مثل : الأسنّة والسّنان ، والأعنّة والعنان ، كننت الشيء في كنّة إذا صنته فيه ، وأكننت الشّيء أخفيته ، والكنانة معروفة ، والكنّة ـ بفتح الكاف والنون ـ امرأة أبيك ، ويقال : امرأة الابن أو الأخ لأنها في كنة.
قوله : «أن يفقهوه» في محلّ نصب على المفعول من أجله ، وفيه تأويلان سبقا.
أحدهما : كراهة أن يفقهوه ، وهو رأي البصريين.
والثاني : حذف «لا» ، أي : أن لا يفقهوه ، وهو رأي الكوفيين.
قوله : «وقرأ» عطف على «أكنّة» فينتصب انتصابه ، أي : وجعلنا في آذانهم وقرأ و «في آذانهم» كقوله : (عَلى قُلُوبِهِمْ).
وقد تقدّم أنّ «جعل» يحتمل معاني ثلاثة ، فيكون هذا الجار مبنيّا عليها من كونه مفعولا ثانيا قدّم ، أو متعلّقا بها نفسها أو حالا.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٠١ ، المحرر الوجيز ٢ / ٢٧٩ ، الدر المصون ٣ / ٣٢.
(٢) في ب : ثياب.
(٣) ينظر : القرطبي : ٦ / ٢٦٠.