عن الأخرى بحرف ف «ينهون» انفردت بالهاء ، و «ينأون» بالهمزة ، ومثله قوله تعالى : (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ) [الكهف : ١٠٤] (بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) [غافر : ٧٥].
وقوله عليه الصلاة والسلام : «الخيل معقود في نواصيها الخير» (١) ، وبعضهم يسميه «تجنيس التّحريف» وهو الفرق بين كلمتين بحرف وأنشدوا في ذلك قول القائل : [الكامل]
٢١٢٨ ـ إن لم أشنّ على ابن حرب غارة |
|
لم تخل يوما من نهاب نفوس (٢) |
وذكر غيره أن «تجنيس التحريف» هو أن يكون الشّكل فرقا بين كلمتين ، وجعل منه «اللهى تفتح اللهى» وقد تقدّم تحقيقه.
وقرأ الحسن (٣) «وينون» بإلقاء حركة الهمزة على النون وحذفها ، وهو تخفيف قياسي.
و «النّأي» : البعد ، قال : [الطويل]
٢١٢٩ ـ إذا غيّر النّأي المحبّين لم يزل |
|
رسيس الهوى من حبّ ميّة يبرح (٤) |
وقال الآخر في ذلك ، فأجاد : [الطويل]
٢١٣٠ ـ ألا حبّذا هند وأرض بها هند |
|
وهند أتى من دونها النّأي والبعد (٥) |
عطف الشيء على نفسه للمغايرة اللّفظيّة يقال : نأى زيد ينأى نأيا ، ويتعدّى بالهمزة ، فيقال: أنأيته ، ولا يعدّى بالتضعيف ، وكذا كل ما كان عينه همزة.
ونقل الواحدي أنه يقال : نأيته بمعنى نأيت عنه.
وأنشد المبرّد : [الطويل]
٢١٣١ ـ أعاذل إن يصبح صداي بقفرة |
|
بعيدا نآني صاحبي وقريبى (٦) |
__________________
(١) أخرجه مسلم في صحيحه ٣ / ١٤٩٣ ، الحديث (٩٧ / ١٨٧٢) وله شاهد من حديث أنس بلفظ : البركة في نواصي الخيل.
أخرجه البخاري في الصحيح ٦ / ٥٤ ، كتاب الجهاد باب الخيل معقود في نواصيها الخير الحديث (١٠٠ / ١٨٧٤) واللفظ لهما.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ٣٥ ، البحر المحيط ٤ / ١٠٤.
(٤) البيت لذي الرمة في ديوانه ص (١١٩٢) ، خزانة الأدب ٩ / ٣٠٩ ـ ٣١٢ ، شرح الأشموني ١ / ١٣٤ ، شرح المفصل ٧ / ١٢٤ ، لسان العرب (رسس) ، الدر المصون ٣ / ٣٥.
(٥) تقدم.
(٦) البيت للنمر بن تولب.
ينظر : الكامل ١ / ٣٧٣ ، روح المعاني ٧ / ١٢٧ ، لسان العرب (نأى) الدر المصون ٣ / ٣٥.