قوله : «منيبا» حال من فاعل «دعا» و «إليه» متعلق «بمنيبا» أي راجعا إليه (١) في إزالة (٢) ذلك الضر ، ولأن الإنابة الرجوع.
قوله : (ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ) أعطاه (نِعْمَةً مِنْهُ) أي أعطاها إياه ابتداء من غير مقتض. ولا يستعمل في الجزاء بل في ابتداء العطيّة (٣) ، قال زهير :
٤٢٩٢ ـ هنالك إن يستخولوا المال يخولوا |
|
..........(٤) |
ويروى : يستخبلوا المال يخبلوا ، وقال أبو النجم :
٤٢٩٣ ـ أعطى فلم يبخل ولم يبخّل |
|
كوم الذّرى من خول المخوّل (٥) |
وحقيقة خول من أحد معنيين إما من قولهم : هو خائل مال إذا كان متعهّدا له حسن القيام عليه ، وإما من خال يخول إذا اختال وافتخر (٦) ، ومنه قول العرب : إن الغنيّ طويل الذّيل ميّاس الخيل (٧) ، وقد تقدم اشتقاق هذه المادة مستوفى في الأنعام (٨).
قوله : «منه» يجوز أن يكون متعلقا «بخوّل» وأن يكون متعلقا بمحذوف على أنه صفة : «لنعمة» (٩).
قوله : «نسي» أي ترك (ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ) يجوز في «ما» هذه أربعة أوجه :
__________________
(١) نقله السمين في دره المصون ٤ / ٦٣٨.
(٢) الرازي السابق.
(٣) انظر : السمين ٤ / ٦٣٨ ، ومجاز القرآن ٢ / ١٨٨ وقال الزجاج : «أذهب الضرّ عنه وأنعم عليه» ، المعاني ٤ / ٣٤٦ وقال صاحب اللسان : «خوله الله نعمة ملكه إياها» اللسان : «خ ول» ١٢٩٣.
(٤) من الطويل له وتمامه :
.......... |
|
وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا |
وييسروا يلعبوا الميسر ، والشاهد على الرواية الأولى ، أي إن يطلب منهم أحد يعطوه وإذا قامروا عليه قامروا بأغلى ما عندهم. أما الرواية الثانية فمعنى الإخبال الإعارة أي يعيرون الناقة للانتفاع بلبنها ، والفرس للغزو عليه وتلك الرواية شاهدها على التضمين لا للتصريح. وانظر : المجاز ٢ / ١٨٨ والقرطبي ١٥ / ٢٣٧ ، والبحر ٧ / ٤١٣ واللسان : «خ ول» والديوان ١١٢.
(٥) من الرجز وهو يخبر أن هذا الرجل أعطى السائل ناقة كوماء أي عظيمة وهذا الإعطاء للسائلين من إعطاء الله إياه. وجيء بالبيت استشهادا بأن حول معناه العطيّة في «من خول المخول» وانظر البيت في القرطبي ١٥ / ٢٣٧ والبحر ٧ / ٤١٣ ، واللسان : «خ ول» ١٢٩٣ والدر المصون ٤ / ٦٣٨ والطرائف الأدبية ٥٧ ـ ٦١.
(٦) اللسان ١٢٩٣ و ١٢٩٤ والكشاف ٣ / ٣٨٨.
(٧) الاستشهاد بهذا المثال في معنى الاختيال والتكبر. وانظر : الكشاف المرجع السابق والبحر ٧ / ٤١٨.
(٨) عند قوله : «وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ» من الآية ٩٤ منها. وقال هناك : خال يخال خولا إذا صار ذا خول بعد انفراد ، وخوله المال أي أعطاء إياه ، وذكر تفصيلات جاء منها هنا مكررة. وانظر : اللباب ٣ / ٢٩٧ ب.
(٩) ذكره أبو البقاء في التّبيان ١١٠٩.