بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) جملة اسمية وعطف الجملة الاسمية على الجملة الفعلية لا يجوز(١).
قال شهاب الدين : وهذا الاعتراض معترض إذ لا مانع من ذلك (٢).
ثم قال ابن الخطيب : بل الأقرب عندي أن يقال : إنه لما وصف الله تعالى بصفات الإلهية (٣) والجلالة وهو كونه خالقا للأشياء كلها وكونه مالكا لمقاليد السموات والأرض بأسرها قال بعده : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) الظاهرة الباهرة هم الخاسرون.
قوله : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) فيه ثلاثة أوجه :
أظهرها : أن (٤) «غير» منصوب «بأعبد» (٥) و «أعبد» معمول «لتأمروني» على إضمار «أن» المصدرية ، فلما حذفت بطل عملها وهو أحد الوجهين والأصل أفتأمروني بأن أعبد غير الله ثم قدم مفعول «أعبد» على «تأمروني» العامل في عامله ، وقد ضعف بعضهم هذا بأنه يلزم منه تقديم معمول الصلة على الموصول ، وذلك أن «غير» منصوب «بأعبد» و «أعبد» صلة «لأن» وهذا لا يجوز (٦).
وهذا الرد ليس بشيء لأن الموصول لما حذف لم يراع حكمه فيما ذكر بل إنما يراعى معناه لتصحيح الكلام (٧).
قال أبو البقاء : لو حكمنا بذلك (٨) لأفضى إلى حذف الموصول وإبقاء صلته وذلك لا يجوز إلّا في ضرورة شعر (٩).
وهذا الذي ذكر فيه نظر من حيث إنّ هذا مختصّ «بأن» دون سائر الموصولات وهو أنها تحذف ويبقى صلتها وهو منقاس عند البصريين في مواضع (١٠) تحذف ويبقى عملها وفي غيرها إذا حذفت لا يبقى عملها إلا في ضرورة أو قليل ، وينشد بالوجهين (قوله) :
٤٣١٠ ـ ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى |
|
وأن أشهد اللذّات هل أنت مخلدي (١١) |
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٧ / ١٣.
(٢) هذا اعتراض السمين في الدر ٤ / ٦٦١.
(٣) في ب الهيبة.
(٤) في ب أنه غير. تحريف وخطأ.
(٥) قاله الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٠٧ والسمين في الدر ٤ / ٦٦١.
(٦) بالمعنى من البحر ٧ / ٤٣٨ وانظر : السمين ٤ / ٦٦١.
(٧) نقله السمين في الدر ٤ / ٦٦٢ بالمعنى من البيان لابن الأنباري ٢ / ٣٢٥ قال : «إلا أنه لما حذف «أن» سقط حكمها والدليل على ذلك أن الفعل قد ارتفع ولو كان حكم أن ثابتا لوجب أن يكون الفعل منصوبا فلما لم ينصب دل على سقوط حكمها».
(٨) أي بقاء حكم أن.
(٩) التبيان ١١١٣.
(١٠) يريد مواضع إضمار أن وجوبا. وقد ذكرها النحويون في كتبهم ومنهم ابن يعيش في شرح المفصل ٧ / ١٩ و ٢٧.
(١١) من الطويل لطرفة بن العبد ، والزاجري الذي يكفني ويمنعني. والوغي : الحرب وهو يفتخر بمنازلة ـ