وإنّما جيء هنا بالواو دون التي قبلها لأن أبواب السجن تكون مغلقة إلى أن يجيئها صاحب الجريمة فيفتح(١) له ثم تغلق عليه فناسب ذلك عدم الواو فيها بخلاف أبواب السرور والفرح فإنها تفتح انتظارا لمن يدخلها فعلى ذلك أبواب جهنم تكون مغلقة لا تفتح إلا عند دخول أهلها فيها فأما أبواب الجنة ففتحها يكون متقدما على دخولهم إليها كما قال تعالى : (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ)(٢) [ص : ٥٠] فلذلك جيء بالواو فكأنه قيل : حتى إذا جاؤوها وقد فتحت أبوابها (٣).
والثاني : أن الجواب قوله : (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) على زيادة الواو أيضا أي حتى إذا جاءوها قال لهم خزنتها (٤).
والثالث : أن الجواب (٥) محذوف قال الزمخشري : وحقه أن يقدر بعد : «خالدين» انتهى (٦) يعني لأنه يجيء بعد متعلقات الشرط وما عطف عليه ، والتقدير : اطمأنّوا (٧) ، وقدره المبرد : سعدوا (٨) ، وعلى هذين الوجهين فتكون الجملة من قوله : (وَفُتِحَتْ) في محل نصب على الحال (٩). وقال البغوي : قال الزجاج : القول عندي أن الجواب محذوف تقديره : حتّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها ، وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين «دخلوها». فحذف «دخلوها» لدلالة الكلام عليه(١٠) ، وسمى بعضهم الواو في قوله (وَفُتِحَتْ) واو الثمانية قال : لأن أبواب الجنة ثمانية وكذا قالوا في قوله : (وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ)(١١) [الكهف : ٢٢]. وقيل : تقديره : حتى إذا جاءوها (جاءوها) (١٢) وفتحت أبوابها (١٣) يعني أن الجواب بلفظ الشرط ، ولكنه بزيادة تقييده بالحال فلذلك صحّ (١٤).
__________________
(١) في ب فتفتح بالتاء.
(٢) وانظر : الكشاف ٣ / ٤١١ والسمين في دره ٤ / ٦٦٨.
(٣) الكشاف المرجع السابق.
(٤) نقله البيان ٢ / ٣٢٧ والقرطبي ١٥ / ٢٨٥ والمشكل ٢ / ٢٦١ والدر المصون ٤ / ٦٦٧.
(٥) وهو المرجح لدى الغالبية فقد رجحه أبو البقاء والزجاج والمبرد وابن الأنباري.
(٦) وها هو الزمخشري يرجح أيضا الحذف حذف الجواب فيقول : «والجملة بعدها ـ يقصد حتى ـ هي الشرطية إلا أن جزاءها محذوف وإنما حذف لأنه في صفة ثواب أهل الجنة فدل بحذفه على أنه شيء لا يحيط به الوصف وحق موقعه ما بعد خالدين». الكشاف ٣ / ٤١١.
(٧) هذا توضيح شهاب الدين السمين لكلام الزمخشري انظر : الدر المصون ٤ / ٦٦٨.
(٨) المرجع السابق. وانظر أيضا بحر أبي حيان ٧ / ٤٤٣. وأورد ابن خالويه في الحجة رأي المبرد أيضا ٣١٢ وفي المقتضب ٢ / ٧٨ ظهر رأي المبرد بالحذف ـ حذف الجواب ـ مبطلا قول الكوفيين بزيادة الواو ولكنه لم يذهب إلى التقدير الذي أثر عنه وهو سعدوا.
(٩) الدر المصون المرجع السّابق.
(١٠) معاني القرآن وإعرابه المرجع السابق وانظر معالم التنزيل للبغوي ٦ / ٨٦.
(١١) نقل هذا الرأي السمين في المرجع السابق ٤ / ٦٦٨ و ٦٦٩.
(١٢) سقط من ب.
(١٣) نقله الزمخشري في الكشاف ٤١١.
(١٤) بتوضيح من السمين في المرجع السابق.