وأولادكم. ثمّ قال : أرأيت أم أيمن؟ فإنّي اشهد أنّها من أهل الجنّة ، وما كانت تعرف ما أنتم عليه».
أقول : إنّها تدلّ على أنّ الدين يطيقه كلّ أحد وليس فيه ما يوجب الشدّة والحرج ، إلّا أنّ بعض الأقوام شدّدوا على أنفسهم بالضيق لجهلهم بواقع الدين ، فإنّ أصوله موافقة للفطرة ، وما كان كذلك لا ضيق فيه ، ولا يسلم أحد لا يعرف الدين إلّا المستضعفون الّذين لا سبيل لهم إلى المعرفة إلّا بمقدار إدراكهم ، كما تقدّم.
وفي معاني الأخبار بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام : «إنّ المستضعفين ضروب يخالف بعضهم بعضا ، ومن لم يكن من أهل القبلة ناصبا ، فهو مستضعف».
أقول : والروايات في ذلك مستفيضة ، وإنّما لم يكن الناصب من المستضعف ؛ لأنّ النصب لا يتحقّق إلّا عن عناد وتقصير كما هو واضح ، وهناك روايات أخرى متّفقة المضمون مختلفة التعبير ، جار فيها ما ذكرناه.
وعن علي عليهالسلام : «من مات في سبيل الله فهو ضامن على الله أن يدخله الجنّة ؛ لقوله تعالى : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ)».
أقول : المراد من سبيل الله مطلق مرضاته وما يوجب التقرّب إليه ، سواء كان في طلب العلم والكمال أو الجهاد في سبيله أو في السفر إلى الحج أو الخروج لأجل صلة الرحم أو غير ذلك ، فهو تعالى ضامن ، أي : يتكفّل أن يدخله الجنّة ويعطيه الأجر الجزيل ؛ لأنّ ذلك نوع من الهجرة إليه تعالى ، الّتي تلازم السعادة الأبديّة والعاقبة الحميدة.
وفي المجمع عن أبي حمزة الثمالي قال : «لما نزلت آية الهجرة سمعها رجل من المسلمين وهو جندب بن عمرة وكان بمكة ، فقال : والله ما أنا ممّن استثنى الله ، إنّي لأجد قوة وإنّي لعالم بالطريق ، وكان مريضا شديد المرض فقال لبنيه : والله ما أبيت