أقول : تقدّم منّا مكرّرا أنّ منشأ النزول لا يكون سببا للتخصيص ، بل المناط عموم الآية المباركة ، فتنطبق على موردها في كلّ عصر وزمان ، كما لا بدّ من حمل تلك الروايات والآثار على وجه لا تنافي عصمته صلىاللهعليهوآله ، وإلّا فلا بدّ من ردّها إلى أهلها ، وأنّه صلىاللهعليهوآله همّ أن يفعل وكان الاهتمام لأجل مصلحة وقتيّة ، وإلّا كان صلىاللهعليهوآله يعلم الحقّ والواقع. وقد وردت في قوله تعالى : (إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ) روايات في الكافي وتفسير العياشي ذكرت فيها أسماء أشخاص ، كلّها من باب التطبيق وذكر بعض المصاديق.
وعن البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : «وكان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنبا أصبح وقد كتب كفّارة ذلك الذنب على بابه ، وإذا أصاب البول شيئا منه قرّضه بالمقراض ، فقال رجل : لقد أتى الله بني إسرائيل خيرا ، فقال ابن مسعود : ما آتاكم الله خيرا ممّا آتاهم ، جعل لكم الماء طهورا وقال : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً)».
أقول : ورد مضمون هذا الأثر في رواياتنا الواردة عن الأئمة الهداة عليهمالسلام ، وصدر الرواية كذيلها يدلّ على التشديد ، وقد منّ الله تعالى على هذه الأمّة المرحومة برفعه ، وذكرنا في كتاب الطهارة من (مهذب الأحكام) ما يتعلّق بقرض أبدانهم إذا أصابها البول.
وكيف كان ، فإنّه من باب التطبيق.
وفي الدرّ المنثور عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «ما من عبد أذنب فقام فتوضّأ فأحسن وضوءه ثمّ قام فصلّى واستغفر من ذنبه ، إلّا كان حقّا على الله أن يغفر له ؛ لأنّ الله يقول : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً)».
أقول : المراد من الحقّ في هذه الرواية وأمثالها أنّه ممّا حقّق عليه القضاء