والماهية لا تتقوم بالفاعل بل منه تتحقق ولا بالغاية اصلا ولا تتقوم ماهية العرض بالموضوع بل هو بوجوده قائم به ، وغرض المصنف رحمهالله من الاشارة الى هذا التعاكس بقوله : واحدة متعاكسة ان لا يتوهم احد ان كل جزء ذهنى للماهية هو جزء خارجى لها وبالعكس بل التعاكس محفوظ بحسب الذهن والخارج فان كان الجزء خارجيا تقومت الماهية به فى الخارج وتنعكس الى انه ان تقومت الماهية بشيء فى الخارج فهو جزء خارجى وان كان الجزء ذهنيا تقومت الماهية به فى الذهن وتنعكس الى انه ان تقومت الماهية بشيء فى الذهن فهو جزء ذهنى ، فلا يبقى فى مورد البحث الا المادة والصورة والجنس والفصل ويخرج غيرها من الفاعل والغاية والموضوع ، ويشهد بان مراد المصنف ما قلنا ان البحث فى تركب الماهية وبساطتها لا فى عللها.
ان قلت : كيف تقول ان تقدم الجزء على الماهية سواء كان بحسب الخارج او الذهن بالطبع مع ان المذكور فى محله ان جزء الماهية العقلى كالحيوان مثلا متقدم عليها بالماهية ، قلت : ان الجزء كالحيوان له حيثيتان : حيثية هى هى من دون لحاظ وجوده فى الذهن وحيثية انه موجود فى الذهن فبالحيثية الاولى متقدم على الماهية بالماهية واما بالحيثية الثانية فلا فرق بينه وبين الجزء الموجود فى الخارج فى نوع التقدم ، هذا ، فانك اذا اخذت باطراف ما تلوته عليك اندفع الاشكال الّذي قال صاحب الشوارق انهم تحيروا فى دفعه وانكشف لك ضعف جميع ما نسجوا فى هذه المسألة على المصنف رحمهالله.
قوله : وهو علة الغناء عن السبب ـ يعنى تقدم ذات الجزء من حيث وجوده فى نفسه علة لغناء الجزء بما هو جزء عن السبب لثبوته للكل ذهنا وخارجا وذلك لان وجوده فى نفسه عين وجوده لغيره الّذي يتحقق به عنوان الجزئية والفرق بينهما بالاعتبار ، وبعبارة اخرى ان الجزء بما هو جزء وله وجود لغيره ليس غير ذات الجزء حتى يحتاج الى سبب لان هذا الوجود هو ذلك الوجود بنفسه وبالاعتبار يفترقان ، ولا يخفى انه على هذا الوجه الّذي فسرنا هذا الكلام لا احتياج الى توصيف السبب