الحصول ليس بالاستلزام ، الا ان صحة الصورة واعتقاد الناظر بصدق المواد الكاذبة يوجبان اعتقاده بصدق النتيجة التى قد يتفق صدقها واقعا وقد يتفق كذبها واقعا كما هو الحال فى جميع الاخطاء الواقعة للناظرين العارفين بتركيب الاقيسة وشرائطها ، واما الخاطئون فى صور الاقيسة فهم فى تيه آخر.
قوله : اختلف الناس هنا الخ ـ قد مر فى المسألة الخامسة عشرة ما يناسب ما هاهنا ، وقول الحكماء هو ان المقدمات معدة ومفيض العلم هو الجوهر القدسى المسمى بالعقل الفعال بمدد الحق تعالى
قوله : والحق ان النظر الصحيح يجب الخ ـ صريح فى رد الاشاعرة القائلين بجواز انفكاك العلم بالنتيجة عن العلم بالمقدمات ، ولكن ليس له ظهور فى احد القولين الآخرين اذ وجوب حصول العلم بالنتيجة هو مذهب الحكماء والمعتزلة معا الا ان الحكماء يقولون بافاضة العلم من عالم القدس والمعتزلة يقولون بتوليد المقدمتين اياه ، ومعنى التوليد ايجاب فعل الفاعل فعلا آخر كهدم السقف برفع العمود الّذي تحته واحراق الخشبة بإلقائها فى النار فان الرفع والالقاء فعلان بالمباشرة والهدم والاحراق فعلان بالتوليد ، وكذا ما نحن فيه على مذهب المعتزلة فان ترتيب المقدمات من الناظر يوجب حصول النتيجة من دون مدخلية شيء آخر فيه.
قوله : لتعذر العلم باظهر الاشياء الخ ـ هذا ما استدل به الملاحدة على الاحتياج الى المعلم فى المعارف الإلاهية ، وحاصله ان الانسان يحتاج فى العلوم القريبة من الحس الظاهرة عند مؤسسيها كالنحو والصرف والعروض والرياضيات وكذا الصناعات كالخياطة والنجارة الى مرشد ومعلم وبدونه لا تحصل له فكيف يستغنى عنه فى العلوم العويصة التى هى ابعد العلوم عن الحواس والمطلوب فيها اليقين.
اجيب بان هذه الفحوى القياسية لا تفيد الا ان حصول المعارف الإلاهية بدون المعلم صعب عسر واما امتناعه وتعذره على ما هو مدعاكم فممنوع ، ويحتمل ان يكون المراد باظهر الاشياء واقربها هوية الانسان التى يعبر عنها بانا فان النظر لم يفد اليقين بانها هذا الهيكل المحسوس او اجزاء لطيفة سارية فيه او جزء لا يتجزى