اخبرنى عن القرآن أخالق أم مخلوق ، فقال : ليس بخالق ولا مخلوق ، ولكنه كلام الله عز وجل.
قلت : جوابه ما اورده الصدوق هناك بقوله : قد جاء فى الكتاب ان القرآن كلام الله ووحى الله وقول الله وكتاب الله ، ولم يجيء فيه انه مخلوق ، وانما منعنا من اطلاق المخلوق عليه لان المخلوق فى اللغة قد يكون مكذوبا ، ويقال : كلام مخلوق اى مكذوب ، قال الله تبارك وتعالى : ( إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً ) اى كذبا ، وقال عز وجل حكاية عن منكرى التوحيد : ( ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ ) اى افتعال وكذب ، فمن زعم ان القرآن مخلوق بمعنى انه مكذوب فقد كفر ، ومن قال : انه غير مخلوق بمعنى انه غير مكذوب فقد صدق وقال الحق والصواب ، ومن زعم انه غير مخلوق بمعنى انه غير محدث وغير منزل وغير محفوظ فقد اخطأ وقال غير الحق والصواب ، وقد اجمع اهل الاسلام على ان القرآن كلام الله عز وجل على الحقيقة دون المجاز وان من قال غير ذلك فقد قال منكرا من القول وزورا ووجدنا القرآن مفصلا وموصلا وبعضه غير بعض وبعضه قبل بعض كالناسخ الّذي يتأخر عن المنسوخ فلو لم يكن ما هذه صفته حادثا بطلت الدلالة على حدوث المحدثات وتعذر اثبات محدثها بتناهيها وتفرقها واجتماعها وشيء آخر وهو ان العقول قد شهدت والامة قد اجتمعت على ان الله عز وجل صادق فى اخباره وقد علم ان الكذب هو ان يخبر بكون ما لم يكن ، وقد اخبر الله عز وجل عن فرعون وقوله : ( أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى ) ، وعن نوح انه نادى ابنه وهو فى معزل ( يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ ) ، فان كان هذا القول وهذا الخبر قديما فهو قبل فرعون وقبل قوله ما اخبر عنه ، وهذا هو الكذب ، وان لم يوجد الا بعد ان قال فرعون ذلك فهو حادث لانه كان بعد ان لم يكن وامر آخر وهو ان الله عز وجل قال : ( وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ) ، وقال ( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها ) ، وما له مثل او جاز ان يعدم بعد وجوده فهو حادث لا محالة ، وتصديق ذلك ما اخرجه شيخنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رحمهالله فى