المدعى ولا بد من ازاحة العلل فلا يقع فى التكليف تناقض ، انتهى ، وان تعجب فعجب انه كيف حكم بالوجوب على الله فى هذا المورد مستدلا بالعقل دون سائر الموارد.
ثم ان جهة الحسن او القبح ترجع الى عنوان واحد يعبر عنه بالمصلحة والمفسدة ، والمصلحة كون الفعل بحيث يلائم الغاية المطلوبة والمفسدة بخلافها ، وهما فى ستة نظامات : الاول نظام العالم برمتها ، الثانى نظام اجتماع العباد المختارين من الانس والجن والشياطين وغيرها ان كان ، الثالث نظام الاجتماع الانسانى الكبير ، الرابع نظام الاجتماع الانسانى الصغير ، الخامس نظام الاجتماع البيتى ، السادس نظام الفرد ، وهذه النظامات بعضها من بعض ، ويجب رعاية مصلحة كل منها مقدما على ما بعده بحيث يكون فوت المصلحة على المتأخران امتنع الجمع بين المصالح ، ولا خفاء فى ان رعاية المصالح وترتيبها وتعيين الافعال بحسبها بيده تعالى لان له الخلق والامر ، وجعل العباد مختارين من جملة المصالح ، وقل عقل يدركها وجهاتها كملا ، فالاعتراض بما لا يراه الناس مصلحة لفرد او اجتماع ساقط لذلك ، فرعاية المصلحة هى اتيان الفعل على ما يراه الحق صالحا بدلالة الشرع او العقل ، فحيث ان الفاعل المختار بيده ان يجعل فعله بحيث يؤدى الى غاية روعى لها المصلحة التى يجب عليه مراعاتها وان يجعله بحيث يؤدى الى غاية بخلاف ذلك يفتتح باب التحسين والتقبيح واتصاف الفعل بالحسن على الاول وبالقبح على الثانى وينطلق لسان المدح او الذم ممن يدرك تلك المراعاة وعدمها ، فجهة الحسن والقبح هى المصلحة والمفسدة ، ومناط التحسين والتقبيح والمدح والذم والثواب والعقاب هو رعاية الفاعل المختار لتلك المصلحة وعدمها ، فتحصل من ذلك كله ان المصلحة والمفسدة مع اختيار الفاعل اصل ، واعتبار الحسن والقبح يتفرع عليه ، والمدح والذم والثواب والعقاب متفرعة على الحسن والقبح.
اذا عرفت ذلك فلا حاصل لما ذكره القوشجى وغيره تبعا لبعض سلفهم دفعا لشناعة مذهبهم من ان الحسن والقبح يقال لمعان ثلاثة : الاول صفة الكمال والنقص ، يقال : العلم حسن اى لمن اتصف به كمال ، والجهل قبيح اى لمن اتصف به نقصان ، ولا نزاع فى ان هذا المعنى امر ثابت للصفات فى انفسها وان مدركه العقل ، الثانى ملائمة الغرض