المذهب الخامس للعرفاء ومن اتبع سلوكهم فى هذا المسلك كالحكيم الشيرازى والحكيم السبزوارى وغيرهما رحمهمالله تعالى ، وهو ان الصادر من العبد فعل له وللحق تعالى ، لا بمعنى ان هنا فعلين او للفعل فاعلين ، بل الفاعل كالفعل واحد وهو الحق تعالى فى المظهر الانسانى مثلا ، والفرق بين هذا المذهب ومذهب الاشعرى ان الاشعرى يقول : ان الله تعالى يخلق الفعل فى العبد فهو تعالى خالق للفعل والعبد محل له من دون ان يكون له سلطان على فعله ، والعارف يقول : ان الله تعالى تجلى بنوره وتنزل وظهر بوجوده فى المظهر الانسانى ويفعل فعله ويستند الفعل الى الله عز وجل بما هو تعالى تجلى فى الانسان ، انظر ما قال المولى صدرا فى رسالته فى خلق الاعمال وما نقلت عن مفتاح الغيب والنصوص للقونوى فى المسألة الثالثة عشرة فى الفصل الثانى وغير ذلك من كلماتهم فى كتبهم فانى لا اطيل الكلام بذكرها.
فاقول : مبنى هذا المذهب هو القول بوحدة الوجود والحلول والاتحاد وانه ليس فى دار الوجود الا موجود واحد يتعين بالتعين الخلقى ويتجلى فى الصور والمظاهر الامكانية بعد تعينه بذاته نازلا عن المرتبة الاحدية الى منازل الاشياء المختلفة محدودا بحدودها على ما فصل فى زبرهم ، فاذا كان له التعين الخلقى فلا خلق بل هو بصور الخلق فصفات الخلق وافعاله صفاته وافعاله تعالى ، وقد مضى فى المسألة الثالثة عشرة فى الفصل الثانى بطلان هذا المبنى وان معيته تعالى مع الاشياء ودخوله فيها انما هو بلا كيفية ولا تحدد بالحدود الامكانية ولا تعين بالتعينات الخلقية ولا اتصاف بالصفات المختلفة ولا بتفاوت وتغير بالتغيرات اللازمة للاشياء ولا تعدد صور بتعدد الاسماء على ما هو مذهب ائمتنا صلوات الله عليهم اقرب الخلائق الى الحق واعرف العارفين بالرب تعالى عما يقول الواصفون علوا كبيرا ، فراجع.
المذهب السادس للائمة الطاهرين صلوات الله عليهم واتباعهم من العلماء المتقين اهل التسليم واليقين ، فاعلم ان الممكن محتاج الى الواجب بالذات فى وجوده وبقائه وشئونه وافعاله وكما ان وجوده ممكن كذلك افعاله ممكنة فلا استقلال له فى شيء ، فبيده تعالى ملكوت كل شيء وله الملك مطلقا وله القوة جميعا ، فهو خال بذاته عن الكل