وواجد بمبدئه لكل ما له فى حدوده ، وهو تعالى لا حد له وما لا حد له لا يستند إليه ما يستند الى المحدود بما هو محدود لوجوب التحدد فى المستند إليه فى هذا الاستناد ، بل المستند الى الحق تعالى ايجاد المحدود وابقاؤه واعدامه وتنقيصه وتزييده واعطاؤه ومنعه وتخليته وغيرها من الافاضات والمنوع ، فالقوى بقيد الحد للمحدود ، والمحدود بحده له تعالى وفى قبضته ، فلكل محدود احكام حدوده ، لا تستند تلك الاحكام الى الّذي ليس له حد ومنتهى كما لا يستند وجود المحدود بما هو محدود إليه لتنافى الحدية واللاحدية ، بل المنسوب إليه وجوده بلا حده وتحديد وجوده بحده ، فحركات الانسان بما هى حركات الانسان ليست بحركات صادرة من الله تعالى عن ذلك كما يقول العارف او الجبرى بل من الانسان ، ولكنه تعالى له ملك الايجاد وملك التصرف وملك الاختيار فيه وفى جميع شئونه وحركاته قبلا ومعا وبعدا ، لا كما يقول المعتزلى بانقطاع عونه وسلطنته عنه وعن شئونه ، هذا ما اثبته الصادر عن معادن العلم والحكمة صلوات الله عليهم ، ويساعده العقل والوجدان والفطرة والاعتبار والبرهان ، وهو الامر بين الامرين المشهور عنهم عليهمالسلام.
ثم ان ما ينسب الى الانسان ينقسم الى ما لا يكون باختياره كالمرض والصحة والموت والحياة وغيرها فيقع له من اسبابه فلا ذم له به ولا مدح ، لكنه تعالى يعوضه فى الآخرة بفضله ان كان مما تأذى به وتألم فى الحياة الدنيا مع الايمان ، وسيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى فى المسألة الرابعة عشرة ، والى ما يكون باختياره فيقع له باسبابه التى منها الاختيار الّذي قد مر بيان انه ذاتى للانسان بل كل قادر ، فيتعلق به التكليف وسيأتى تفصيله إن شاء الله تعالى فى المسألة الحادية عشرة ، وقد مر فى المسألة الخامسة ما له ارتباط بهذا المبحث فلا تغفل عنه.
قول الشارح : وقال آخرون انه استدلالى ـ قد مر بعض ادلة المعتزلة فى استناد الإرادة الى العبد فى المسألة الخامسة ، وذلك يكفى للاستدلال لهذه المسألة.
وقال الفخر الرازى فى الاربعين : واما المعتزلة فكلامهم فى هذا البحث فى غاية البسط الا انه يرجع الكل الى حرف واحد ، وهو انه لو لا الاستقلال بالفعل