والجهل والخطاء فى كل شيء والا يلزم جهله او عجزه او سفهه تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، فدين الله الّذي ارتضى لعباده لا يرتضى له بامام اختاره غيره ، فاذا كان امام الدين كالدين مختارا له تعالى فلا يكون الا معصوما كالنبى الّذي اتى به لان الامامة باعتراف الكل خلافة عن النبوة ، فلا بد ان يكون حال الامام كحال النبي حتى يقوم الدين على اساسه كما رضى الله تعالى به ، وكون الامام جائز الخطاء فى العلم والعمل ، جاهلا بنواميس الدين واسراره ومصالحه ومفاسده ، غافلا عماله وعليه ، متحيرا فى السياسات والتدابير ، محتاجا الى الرعية فى العلوم والمعارف ومبادى الافكار ، غير مرتبط بخالق الدين وشارعه ، غير معصوم وغير مسدد فى آنات دهره عن الهفوات ، غير قادر لاقامة العدل والاستواء والتفاضل اللائق بين جميع الطبقات بعلمه واحاطته بمصالح الكل وحقوقهم ، غيروا ضع نفسه فى منتصف العدالة الكلية بحيث لا يميل الى افراط ولا تفريط فى شيء ولا يحيف على من يبغض ولا يأثم فيمن يحب ولا يعطى حق البعيد للقريب ولا يمنع البعيد لاجل القريب ينافى حقيقة الدين التى احب الله عز وجل ان تنشر بين عباده ، فلا يرضى الله تعالى لدينه إماما الا من اختاره ومن اختاره إماما لدينه لا يكون الا معصوما.
يا اهل الانصاف! هل يرضى عاقل ان يتولى امرا من اموره من ليس له بصيرة تامة بذلك الامر وقدرة كاملة على اتيانه كاملا ، وهل يجعل امره ملقى بين عدة يفعلون به ما يشاءون بأهوائهم وآرائهم ، وهل يرضى ان يكون صاحب امره من يختارونه بهوساتهم ، وهل يسلم من ذم الناس وملامتهم لهذا الاهمال ، وهل يعدّ عاقلا وان حفظ امره بالاتفاق ، انظروا الى هؤلاء القوم ، جوزوا عليه تعالى ذلك ونسبوا إليه تعالى الاهمال فى امر لا يقاس بامر من الامور وهو امر الدين ، والعجب من اهل الاعتزال القائلين بالعدل والحكمة كيف اختاروا لانفسهم هذا المذهب ، وليس ذلك الا لما قلت.
فمسألة العصمة على المبنى ، فمن كان مبناه ان اختيار الامام بايدى الناس فلا معنى لان يشترط فيه العصمة ، ومن كان مبناه ان الله عز وجل يختار من يشاء من عباده