شفيع يطاع ، ويحتمل ان يكون المراد بالظالمين الكفار ، فهؤلاء لا يلحقهم شفاعة شافع اصلا ، وان حملنا على عموم كل ظالم من كافر وغيره جاز أن يكون انما اراد نفى شفيع يطاع ، وليس فى ذلك نفى شفيع يجاب ، ويكون المعنى ان الذين يشفعون يوم القيامة من الأنبياء والملائكة والمؤمنين انما يشفعون على وجه المسألة إليه والاستكانة إليه لا انه يجب على الله ان يطيعهم فيه ، وقد يطاع الشافع بان يكون الشافع فوق المشفوع إليه ، ولذلك قال النبي صلىاللهعليهوآله لبريرة : انما انا شافع لكونه فوقها فى الرتبة ولم يمنع من اطلاق اسم الشفاعة على سؤاله.
اقول : ان الظالمين فى الآية اما عام او خاص بالكفار والمنافقين والمشركين ، ويطاع اما يكون بالنسبة إليه تعالى او بالنسبة الى المشفوع لهم ، والحق انه خاص لقوله تعالى : فى سورة الشعراء حكاية عنهم : ( تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ وَما أَضَلَّنا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ، وقوله تعالى فى سورة الحاقة : صانه كان لا يؤمن بالله العظيم ( وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ ) فليس له اليوم هاهنا حميم ، ولروايات كثيرة من الفريقين فى ثبوت الشفاعة للظالمين من المؤمنين ، واما يطاع فليس بالنسبة إليه عز وجل اذ ليس من بليغ الكلام ان يقال : ليس للظالمين يوم القيامة شفيع يطيعه الله تعالى فى شفاعته لان نفى معنى عن مورد عند العرف يفيد شأنية المورد له ، اللهم الا ان يتجوز فى معنى الاطاعة من الانقياد الى قبول القول ، وهذا الّذي ذكرت ما نقله الطبرسى رحمهالله فى مجمع البيان حيث قال « ما للظالمين من حميم » يريد ما للمشركين والمنافقين من قريب ينفعهم « ولا شفيع يطاع » فيهم فتقبل شفاعتهم ، عن ابن عباس ومقاتل ، انتهى.
فمعنى الآية ان الظالمين الذين ظلموا انفسهم بالكفر والشرك والنفاق ليس لهم قريب ينفعهم ولا شفيع اطاعوه فى الدنيا بالحق كما ان ذلك ثابت لغيرهم من المؤمنين الذين تعاونوا على البر والتقوى واطاعوا من نصبه الله تعالى للاطاعة من الأنبياء