غير مقصود للعقلاء كما هو واضح. فمحلّ البحث البواقي إلّا الكلب والخنزير لكونهما من الأعيان النجسة المتقدّم أحكامها مشروحة ، فهما أيضاً خارجان عن محلّ البحث.
ومن هنا علم أنّه لو قلنا بنجاسة ما عداهما من المسوخ كما نسب إلى الشيخ (١) والديلمي (٢) وابن حمزة (٣) كانت مندرجة في الأعيان النجسة ولا حاجة معه إلى التكلّم فيها بالخصوص لاتّضاح أحكامها فيما تقدّم ، إلّا أنّ هذا القول مهجور قد استقرّ إجماع من تأخّر بخلافه. وربّما قيل : أنّه يخالف ضروريّ المذهب بل الدين من طهارة المسوخ.
فنحن إنّما نتكلّم على طهارتها. ولقد عدّها في الشرائع (٤) ممّا لا ينتفع به بل لم يذكر فيه وفي النافع (٥) له أمثلة إلّا المسوخ والسباع ، ووافقه أكثر المتأخّرين (٦) على ما قيل حيث بنوا في المسوخ على منع التكسّب بها. خلافاً لأكثر المتقدّمين (٧) لمصيرهم فيها إلى الجواز ، وربّما عزي ذلك إلى أكثر أصحابنا تعليلاً بالانتفاع بها ، وهو ظاهر عبارة التذكرة (٨).
ويحتمل في كلام من جعلها ممّا لا ينتفع به وجوه : عدم نفع فيها أصلاً ، كون جميع منافعها ساقطة في نظر العقلاء غير معتنى بها ولا ملتفت إليها لديهم ، وكون منافعها بأجمعها ساقطة في نظر الشارع على معنى كونها محرّمة وكون منافعها الغالبة محرّمة ساقطة في نظر الشارع.
ويتطرّق المنع إلى كلّيّة جميع هذه الوجوه ، فإنّها غير مسلّمة في شيء منها.
وتوضيح المقام أنّ المنافع الملحوظة في هذه الحيوانات ولو بعضها ، منها ما هي ملحوظة فيها حيّاً ، ومنها ما هي ملحوظة ميّتاً.
والاولى أنواع ، منها : ما هو محرّم كاللعب بالقرد أو الدبّ يعلّمان ويلعب بهما.
ومنها : ما هو محلّل ، ولكنّه نادر غير ملتفت إليه عند غالب العقلاء ، كحفظ المتاع الّذي يتأتّى من القردة المعلّمة أو الخياطة أو الصياغة ونحوها على ما حكي في صفتها
__________________
(١) المبسوط ٢ : ١٦٦ ، الخلاف ٣ : ١٨٤.
(٢) المراسم : ١٧٠.
(٣) الوسيلة : ٢٤٨.
(٤) الشرائع ٢ : ١٠.
(٥) النافع : ١١٦.
(٦) كما في الإيضاح ١ : ٤٠٤ ، التنقيح الرائع ٢ : ١٠ ، جامع المقاصد ٤ : ١٩.
(٧) كما في النهاية : ٣٦٤ ، الخلاف ٣ : ١٨٤ المسألة ٣٠٧ ، المراسم : ١٧٠.
(٨) التذكرة ١٠ : ٣٥.