من أنّها ذكيّة سريعة الفهم ، وقد أهدى ملك النوبة إلى المتوكّل قرداً خيّاطاً وآخر صائغاً ، وأهل اليمن يعلّمون القردة القيام بحوائجهم حتّى أنّ البقّال والقصّاب يعلّم حفظ الدكّان حتّى يعود صاحبه ويعلّم السرقة فيسرق.
ومنها : ما هو محلّل أيضاً ، ولكنّه مشتبه حاله من حيث كونه نادراً أو غالباً مقصوداً للعقلاء ، كالحمل في الفيل إذ لا يدرى غلبة تداوله بين أهالي بلاد الفيلة أو أنّه يتّفق نادراً.
والثانية أيضاً أنواع ، منها : ما يلاحظ في لحومها ، وهذا منه ما هو محرّم كأكل الآدمي ، ومنه ما هو نادر غير مقصود للعقلاء كإطعام الكلاب المعلّمة وجوارح المعلّمة وجوارح الطيور.
ومنها : ما يلاحظ في شحومها ولا سيّما من السموك منها كالجري والزمّير والمارماهي لإمكان الانتفاع بها بالإسراج وطلي السفن وما أشبه ذلك ، وهذا أيضاً ربّما يشتبه حاله من حيث الندرة والغلبة. وأنّ دعوى الغلبة في أدهان السموكة غير بعيدة.
ومنها : ما يلاحظ في جلودها يتّخذ منها الفرّاء أو الدلاء وما أشبه ذلك ، ولا يبعد كونه من بعض هذه الحيوانات كالثعلب نفعاً غالباً.
ومنها : ما يلاحظ في عظامها ، وهذا مخصوص بالفيل ، ويسمّى عظمه بالعاج ويتّخذ منه الأمشاط ونحوها. وقد ورد بجواز التمشّط بعظمه روايات ، ويستفاد من صراحتها أنّ الأئمّة عليهمالسلام كانوا يتمشّطون بها. وفي المجمع «أنّ العاج عظم أنياب الفيل ، وعن بعض أهل اللغة لا يسمّى غير الناب عاجاً» (١) وهذا لا ينافي كون مطلق عظمه ما ينتفع به في المشط وغيره.
وإذا أحطت خبراً بما شرحنا عرفت سند المنع من كلّيّة الوجوه المحتملة في معنى ما لا ينتفع به بالقياس إلى المسوخ ، لمكان الانتفاع بها ولو في الجملة حيّاً أو ميّتاً منفعة محلّلة غالبة أو نادرة أو مردّدة بينهما ، فكيف يقال : إنّه لا نفع فيها أصلاً ، أو أنّ جميع منافعها ساقطة في نظر العقلاء ، أو أنّ جميعها أو منافعها الغالبة ساقطة في نظر الشارع لكونها محرّمة.
__________________
(١) مجمع البحرين ٣ : ٢٧١ (ع وج).