منه مبنيّ على اعتقاده وقوع الذكاة على كلّ ما نهي عن أكله ، والإمام عليهالسلام قرّره على معتقده ورفع توهّمه لإباحة الصلاة بالتذكية ، ولو لا المقصود به رفع التوهّم يلغو ذكره.
أو يقال : إنّه عليهالسلام قصد بذلك تعميم الحكم ـ أعني فساد الصلاة ـ في كلّ ما نهي عن أكله بحسب ما تحقّق منه في الخارج بالقياس إلى قسميه ممّا هو مذكّى وما ليس بمذكّى ، ومحصّله أنّ كلّ ما نهي عن أكله بحسب الخارج منه ما هو مذكّى ومنه ما ليس بمذكّى ، ولا فرق بينهما في فساد الصلاة فيه. وهذا يدلّ بأوضح دلالة على وقوع الذكاة على كلّ ما نهي عن أكله ، وهذا كما ترى يعمّ المسوخ أيضاً.
لا يقال : إنّ الصحيحة يعارضها رواية عليّ بن أبي حمزة قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام وأبا الحسن عن لباس الفراء والصلاة فيها؟ فقال : لا تصلّ فيها إلّا ما كان منه ذكيّاً ، قال : أوَليس الذكيّ ما ذكّي بالحديد؟ قال : نعم إذا كان ممّا يؤكل لحمه ، قلت : وما لا يؤكل لحمه من غير الغنم؟ فقال : لا بأس بالسنجاب فإنّه دابّة لا يؤكل اللحم وليس هو ممّا نهى عنه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ نهى عن كلّ ذي ناب ومخلب» (١) وجه المعارضة أنّ قوله عليهالسلام : «إذا كان ممّا يؤكل لحمه» عقيب قوله «نعم» في جواب السائل «أليس الذكيّ ما ذكّي بالحديد» من باب تخصيص العامّ بالشرط فيفيد خروج ما ذكّي بالحديد ممّا لا يؤكل لحمه من الذكيّ بمعنى المذكّى ، فتكون مفاده في حاصل المعنى أنّ كلّ ما ذكّي بالحديد فهو مذكّى إلّا أن يكون ممّا لا يؤكل لحمه فإنّه ليس بمذكّى ، فإذا لم يكن مذكّى كان ميتة إذ لا واسطة بينهما.
لأنّا نقول : هذا الرواية لا تقاوم لمعارضة الصحيحة :
أمّا أوّلاً : فلضعف السند بعليّ بن أبي حمزة الّذي حاله معلوم حيث ضعّفه علماء الرجال قولاً واحداً ، ولعنوه ، وكان من عمد الواقفة.
وثانياً : أنّ ما ادّعي استفادته من الشرط من كلّيّة «أنّ كلّما ذكّي بالحديد ممّا لا يؤكل لحمه ليس بمذكّى» منقوض بالسباع على ما سنقرّره من قبولها التذكية بقول مطلق.
وأمّا ثالثاً : فلمنع الدلالة ، بل هي على مختارنا أدلّ ، لمنع كون ما ذكر مخرجاً من
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٣٤٥ / ٢ ، ب ٢ لباس المصلّي ، الكافي ٣ : ٣٩٧ / ٣.