اسم المذكّى ، بل مخرج من حكمه الّذي علم من قوله عليهالسلام : «لا تصلّ فيها إلّا ما كان منه ذكيّاً» وهو كون المذكّى الّذي هو عبارة عمّا ذكّي بالحديد ما يجوز الصلاة فيه ، فيفيد أنّ ما ذكّي بالحديد ممّا لا يؤكل لحمه ليس من المذكّى الّذي يجوز الصلاة فيه ـ يعني لا يجوز الصلاة فيه ـ لا أنّه ليس بمذكّى ، كيف ولو لا إرادة ذلك لزم خلاف وضع التخصيص الّذي هو عبارة عن قصر العامّ على بعض ما يتناوله ، فإنّ إخراجه من الاسم يقضي بخروجه عن موضوع المذكّى من أصله ، لا أنّه داخل في الموضوع ويخرج منه بالتخصيص ، فيكون الشرط المذكور حينئذٍ أشبه شيء بالاستثناء المنقطع ، وهو خلاف الظاهر.
وممّا يرشد إلى ما ذكرناه أيضاً قوله : «لا بأس بالسنجاب» أي لا بأس بالصلاة فيه بعد قول السائل : «وما لا يؤكل لحمه» فإنّه يدلّ على أنّ السائل إنّما سأل بذلك عن كلّيّة نفي جواز الصلاة فيما ذكّي بالحديد ممّا لا يؤكل لحمه ، على معنى عدم جواز الصلاة في شيء من أفراد ما لا يؤكل لحمه إذا ذكّي بالحديد ، فأجاب عليهالسلام بالإيجاب الجزئي أعني جواز الصلاة في السنجاب.
ويرشد إليه أيضاً التعليل بأنّه دابّة لا يؤكل اللحم وليس ممّا نهى عنه رسول الله إذ نهى عن كلّ ذي ناب ومخلب ، أي ليس ممّا نهى عن الصلاة فيه إذ نهى عن الصلاة في كلّ ذي ناب ومخلب ، فإنّ هذا كلّه يقضي بأنّ النظر في أسئلة الرواية وأجوبته إلى حيث الصلاة فيما ذكّي بالحديد الّذي هو المذكّى جوازاً ومنعاً ، فالرواية حينئذٍ دليل لنا لا علينا.
المقام الثاني (١) : في السباع وحوشها كالأسد والذئب والنمر والفهد ، وطيورها كالبازي والصقر والعقاب والشاهين ، وهي جمع السبع بالضمّ أو الفتح أو السكون ، هو كلّ حيوان ذي ناب أو مخلب يفترس الحيوان للأكل والافتراس الاصطياد ، وقد يحتمل إرادة كلّ ذي ناب ومخلب سواء كان ممّا يفترس للأكل أو ممّا يتغذّى باللحم.
وقد اختلف الأصحاب في جواز التكسّب بها وعدمه لاختلافهم في كونها ممّا ينتفع به وعدمه ، كما يستفاد من كلماتهم الّتي منها عبارة الشيخ في الخلاف (٢) على ما حكي من أنّه يحرم التكسّب بما لا نفع فيه كالأسد والنمر والفهد بلا خلاف ، فقيل
__________________
(١) تقدّم عدله في ص ١٨٥ بعنوان «المقصد الأوّل».
(٢) الخلاف ٣ : ١٨٤.