أباه أو غيره من متبرّع ونحوه.
ولا ينتقض الأوّل بالمال الموصى به للولد الأكبر برعاية تحمّله مشقّة قضاء فوائته حيث يستحقّه ويملكه ، ويجوز له أخذه لأنّه إنّما ملّكه واستحقّه بسبب الوصيّة لا بالإجارة على وجه المعاوضة ، كما أنّ الثاني لا ينتقض بما لو بذل له مال إحساناً بعد بذله حيث يجوز له أخذه ، لأنّه لا يستحقّه على وجه العوضيّة ، فلا يأخذه اجرة على عمله الواجب عليه بل مال أباح له باذله إحساناً فيباح له أخذه أو وهبه له مجّاناً وبلا عوض فيجوز له قبوله.
وإن كان تخييريّاً كالتخيير في العمل الواجب عليه عيناً بين فردين أو أفراد ، فأخذ الاجرة على فرد خاصّ معيّن مبنيّ على اشتماله باعتبار الخصوصيّة على منفعة زائدة على منفعة أصل العمل الواجب المشتركة بين جميع الأفراد كالحفر لدفن الميّت الواجب على إنسان عيناً المتعدّد أفراده من حيث مواضعه الّتي منها الأرض الصلبة ومنها قرب مشهد معصوم أو أحد من ولده أو غيره من العلماء أو الصلحاء ، وكان الحفر في هذه المواضع متضمّناً لكلفة زائدة عليه في غيرها.
وظاهر أنّ صلابة الأرض منفعة زائدة على منفعة أصل الحفر ، كما أنّ قرب المشهد منفعة زائدة على منفعة أصل الحفر وهي المواراة ، وله الامتناع من هذه المنفعة الزائدة وليس لأحد من وليّ الميّت أو وصيّه أو غيره إجباره على بذلها مجّاناً بإلزامه على هذا الفرد الخاصّ من الحفر ، فهو من هذه الجهة يصلح مورداً لعقد الإجارة ، ويجوز أخذ الاجرة عوضاً عن المنفعة الزائدة على منفعة أصل الحفر ، لأنّها منفعة لم يتعيّن عليه بذلها ، وله الامتناع من خصوصيّة هذا الفرد المشتملة على تلك المنفعة الزائدة.
والظاهر عدم الفرق بين التوصّلي كالمثال المذكور ، والتعبّدي كقضاء فوائت الميّت الواجبة على وليّه المخيّر فيها بين إيقاعها في البيت أو إيقاعها في المسجد ، فإنّ فضيلة المسجد منفعة في خصوص أحد الفردين زائدة على منفعة فعل القضاء المشتركة بين الفردين ، فليس للوصيّ أو وارث آخر إلزام الوليّ على الفرد الخاصّ ، وهو إيقاع القضاء في المسجد ليعود إليه منفعة فضيلة المسجد أيضاً ، وللوليّ الامتناع منه بالخصوص إلّا