بالاجرة ، ولا ينافي أخذها للإخلاص وقصد القربة لأنّهما معتبران في أصل القضاء لا في إيقاعه في المسجد ، والاجرة يستحقّها على إيقاعه في المسجد لا على أصل القضاء ، فداعيه عند الإتيان به هو امتثال الأمر بالقضاء خالصاً لوجه الله الكريم ، وليس أخذ الاجرة داعياً إلى فعل القضاء بل إلى إيقاعه في المسجد فلا منافاة أصلاً.
وإن كان كفائيّاً فقد يفصّل ويقال : بأنّه إن كان توصّليّاً أمكن أخذ الاجرة على إتيانه لأجل باذل الاجرة فهو العامل في الحقيقة ، وإن كان تعبّديّاً لم يجز الامتثال به وأخذ الاجرة عليه.
وكلّ من شقّي هذا التفصيل منظور فيه يظهر وجهه بما نفصّله :
وهو أن نقول : إنّ الواجب الكفائي على ما حقّق في الاصول لمّا كان من حيث الخطاب يجب على الكلّ ، ومن حيث السقوط يسقط عن الباقين بفعل البعض ، فهو بالنسبة إلى كلّ من وجب عليه يتضمّن حيثيّتين : إحداهما وجوبه عليه باعتبار كونه مخاطباً به ، واخراهما كونه مسقطاً للفرض عن غيره ، فهو من الحيثيّة الاولى لا يقابل بالعوض لأنّ المكلّف من هذه الحيثيّة مقهور عليه وليس من حيث وجوبه عليه محترماً ليقابل بالعوض. ولذا لا يتوقّف خروجه منه على رضاه وطيب نفسه.
وأمّا من الحيثيّة الثانية فإسقاطه الفرض عن غيره منفعة قائمة به عائدة إلى الغير ، ففي قبوله أخذ الاجرة من هذه الحيثيّة ليكون الاجرة عوضاً عن المنفعة المبذولة للغير والعدم وجهان :
من أنّ له أن يمتنع عن بذل منفعة الإسقاط. ولذا لو قال له أحد : أقدم على الفعل ليسقط الفرض عنّي ، كان له أن يعارضه بالمثل. فإذا جاز له الامتناع من بذل هذه المنفعة وليس لأحد إلزامه على بذلها جاز له أخذ الاجرة بإزائها.
ومن أنّ هذه الحيثيّة غير منفكّة من الحيثيّة الاولى فالامتناع عنها امتناع عن الحيثيّة الاولى ، وليس له ذلك لما عرفت من كونه مقهوراً عليها فلا يجوز له أخذ الاجرة مطلقاً.
والتحقيق أن يفصّل بين صورتي علمه بأنّه لو امتنع ولم يقدم على العمل لأقدم