عليه غيره ، وعلمه بأنّه لو لم يقدم وامتنع لم يقدم غيره أيضاً ، فيفوت الفرض ويأثم الكلّ بتركه.
فعلى الأوّل جاز له الامتناع ويأخذ الاجرة على منفعة الإسقاط وإن كان الواجب تعبّديّاً ، لعدم منافاته الإخلاص والنيّة لأنّ الاجرة إنّما يستحقّها على حيثيّة الإسقاط ، والإخلاص والقربة في الحيثيّة الاولى فيأتي بالعمل الواجب عليه بداعي وجوبه وامتثال الأمر به ، لا بداعي الاجرة.
وعلى الثاني لا يجوز له الامتناع لأنّه يفضي إلى الامتناع عن الواجب من حيث وجوبه عليه فيأثم وهو ليس بسائغ فلا يستحقّ به الاجرة ، وإن كان توصّلياً ولو ظنّ قيام غيره به أو احتمله لو امتنع ولم يقدم عليه فالوجه أيضاً عدم جواز أخذ الاجرة ، لما حقّقناه في الاصول من عدم جواز أن يتقاعد عن الفعل في صورتي الظنّ والاحتمال.
ويمكن تفصيل آخر في أخذ الاجرة على الواجبات الكفائيّة ، وهو أنّها إذا كانت توصّليّة ـ كإزالة النجاسة عن المسجد مثلاً ـ فمقتضى كونها توصّليّة أن يكون المقصود بالأصالة من إيجابها حاصلاً بالمباشرة وبالاستنابة ـ نظير غسل الثوب الّذي هو واجب عيني على المكلّف ـ والمقصود من إيجابه وهو طهارة الثوب وزوال النجاسة عنه يحصل بأن يباشره المكلّف بنفسه ، وبأن يستنيب غيره بالتماس أو بذل اجرة فهو مخيّر بينهما ، فإذا جاز لمن وجب عليه إزالة النجاسة عن المسجد كفاية أن يستأجر غيره جاز لغيره أيضاً أن يباشرها عن نفسه ويوجر نفسه لغيره ويأخذ عليها الاجرة ، فيكون نائباً عن الغير ويكون العمل حينئذٍ للمنوب عنه ، وكذلك دفن الميّت الّذي قصد من إيجابه كفاية حفظ جثّة الميّت عن ضرر السباع ودفع الأذى عن الناس ، وهذا يحصل بالمباشرة والاستنابة معاً ، فلا مانع من التزام التخيير بينهما لكلّ مكلّف ، واللازم منه أن يجوز لكلّ واحد أن يباشره عن نفسه وعن غيره فيكون نائباً عنه ويقع العمل للمنوب عنه.
وإذا كانت تعبّديّة لتغسيل الميّت والصلاة عليه فالجواز وعدمه مبنيّ على قبوله النيابة وعدمه ، كالجهاد الّذي هو أيضاً واجب كفائي ويقبل النيابة ، ولأجل ذا كان المكلّف مخيّراً بين أن يباشره بنفسه أو يستأجر غيره ، فجاز لغيره أيضاً ممّن وجب