عليه كفاية أن يجاهد عن نفسه فيكون أحد أفراد من قام به الكفاية وأن يجاهد عن غيره ويأخذ عليه الاجرة فيكون نائباً والفعل يقع للمنوب عنه فهو حينئذٍ أحد أفراد من قام به الكفاية.
ويمكن الخدشة في الحكم المذكور بخروجه عن موضوع المسألة ، لعدم وجوب النيابة ، فالاجرة المأخوذة لأجل النيابة ليست اجرة على الواجب ، نعم لا بأس به في استباحة أخذها لمن يتداول أخذها في مثل إزالة النجاسة عن المسجد ودفن الأموات وغيره ، فإنّ ما ذكر طريق استباحة لأخذها لا أنّه من أخذ الاجرة على الواجب فليتدبّر.
فقد ظهر بما قرّرناه أنّ صفة الوجوب مانعة من أخذ الاجرة على فعل الواجب من حيث وجوبه ، وما جوّزناه أخذه في بعض صور الواجب التخييري وبعض تقادير الواجب الكفائي فهو في الحقيقة إخراج له عن كونه أخذاً للُاجرة على الواجب من حيث وجوبه.
ثمّ إنّ في المقام إشكالاً مشهوراً ربّما يصعب دفعه ، وهو أنّ الصناعات الّتي يتوقّف عليها النظام ممّا يجب على المكلّفين كفاية ، بل قد يتعيّن بعضها على بعض المكلّفين إذا انحصر من يعرفه فيه ، مع أنّه لا كلام عندهم في جواز أخذ الاجرة عليها فكيف التوفيق؟ وقد ذكر في التفصّي عنه وجوه :
أحدها : الالتزام بخروجها الموضوعي عن حرمة أخذ الاجرة على الواجبات ، فإنّ الواجب إنّما هو وجود من يعرف الصناعات لا عملها ، وبعبارة اخرى يلاحظ في الصناعات علم وعمل والّذي يجب على المكلّفين تحصيل علمها لا عملها ، والاجرة تؤخذ على العمل وهو غير واجب.
ويزيّفه أنّ الصناعات إنّما وجبت لإقامة النظام وهي لا تتمّ بمجرّد العلم بل تتوقّف على العمل أيضاً ، فالعلم يجب مقدّمة للعمل ، والعمل يجب مقدّمة لإقامة النظام.
ثانيها : الالتزام بخروجها عن الحكم بالإجماع والسيرة القطعيّتين ، فإنّ حرمة أخذ الاجرة على الواجبات ثابتة على وجه القاعدة القابلة للتخصيص.
ويزيّفه أنّه إنّما يستقيم لو كان مدرك القاعدة هو النصّ أو الإجماع في وجه ،