الإجماع على الحرمة على هذا الوجه كذب وفرية ، كيف وقد سمعت استفاضة نقل الإجماع على عدمها.
وأمّا الثاني : فلأنّ هذه الأموال إذا كانت حلالاً من قبل الأئمّة على شيعتهم على معنى جواز التصرّفات المعامليّة لهم فيها ، فلا يتفاوت فيها الحال بين الاشتراء الّذي هو قبول البيع وقبول الهبة الّتي هو الأخذ مجّاناً ، ونحوه قبول الهديّة. وربّما يستشمّ من تضاعيف عبارات الرياض (١) عدم الخلاف في عدم الفرق ، بل الإجماع على عدم الفصل ، ونحوه نقل عن المحقّق الكركي (٢).
وأمّا الثالث : فلظهور القاسم في آخذ المقاسمة للاشتراك في المبدأ ، مضافاً إلى التفكيك بين مورد السؤال الأخير وسابقه بالتعبير بالمصدّق وهو آخذ الصدقة ثمّة والقاسم هنا ، فلو كان مورده حنطة الصدقة وشعيرها كما أنّ المورد في السابق أغنام الصدقة ولذا عبّر بالمصدّق لناسب التعبير بالمصدّق أيضاً ، مع أنّ حكم الحنطة والشعير من الصدقة قد ظهر في الجملة من جواب السؤال الأوّل ، حيث قال عليهالسلام : «ما الإبل والغنم إلّا مثل الحنطة والشعير» وغير ذلك بل دلّ ذلك على كونه معلوماً لدى السائل أيضاً ، وإذا ثبت الجواز في الحنطة والشعير من المقاسمة بالرواية يتمّ في الباقي حتّى الخراج بعدم القول بالفصل.
وأمّا الرابع : فلبعد احتمال كون المصدّق من قبل العدل ، بل ظاهر سياق الرواية كونه من قبل الجائر ، خصوصاً بعد ملاحظة أنّ الأئمّة عليهمالسلام في تلك الأعصار لم يكونوا متصرّفين لمغصوبيّة حقوقهم وكونهم في شدّة التقيّة. واحتمال كون المنصوب من قبل الجائر لتصحيح أعماله استأذن في الخفاء من العدل أيضاً في غاية البعد ، خصوصاً بعد ملاحظة أنّ سلاطين الجور وولاتهم كانوا لا يستعملون غالباً إلّا أتباعهم من المخالفين والناصبين للأئمّة عليهمالسلام ومبغضيهم.
وأمّا الخامس : فلأنّ صرف البيع والشراء المتكرّر في الرواية عن المعاملة الحقيقيّة وحملها على الاستنقاذ أبعد شيء ذكر في المقام ، كيف واستنقاذ الحقّ من يد الغاصب
__________________
(١) الرياض ٨ : ١٩٩.
(٢) جامع المقاصد ٤ : ٤٥.