لكلّ من تمكّن منه لم يحتج جوازه إلى السؤال ثمّ التكرار فيه ، والجواب بجواز أيضاً لا يقتضي التعرّض لبيان شروط المعاملة الحقيقيّة كما هو واضح.
وأمّا السادس : فلبعد احتمال إرادة الزارع أو وكيله من لفظ القاسم.
ومنها : حسنة أبي بكر الحضرمي قال : «دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام وعنده ابنه إسماعيل ، فقال : ما يمنع ابن أبي سمّاك أن يخرج شباب الشيعة فيكفونه ما يكفيه الناس ، ويعطيهم ما يعطي الناس ، ثمّ قال : لِمَ تركت عطاءك؟ قلت : مخافة على ديني ، قال : ما منع ابن أبي سمّاك أن يبعث إليك بعطائك ، أما علم أنّ لك في بيت المال نصيباً» (١).
وفيها موضعان من الدلالة :
أحدهما : قوله ـ بالقياس إلى شباب الشيعة ـ : «ويعطيهم ما يعطي الناس» فإنّه يدلّ على حلّيّة ما يعطي من بيت المال اجرة ونحوها ، والغالب فيه ما يجتمع من أموال الخراج والمقاسمة. والمناقشة فيه باحتمال كون ما يعطي الشيعة لعلّه من الأموال المنذورة أو الموصى بها للشيعة أو غلّة الأملاك الموقوفة عليهم وما أشبه ذلك ، يدفعها بعد ذلك خصوصاً مع ندرة اتّفاق نحو هذه الأموال ثمّ إحرازها في بيت المال.
وثانيهما : قوله ـ بالنسبة إلى الراوي ـ : «لِمَ تركت عطاءك» ثمّ قوله : «أن يبعث إليك بعطائك» ثمّ قوله : «أما علم أنّ لك في بيت المال نصيباً» والتقريب ما عرفت.
وتوهّم والمناقشة فيه أيضاً باحتمال كون ما يعطي السائل ونصيبه من بيت المال من الزكوات المجتمعة ، وهذا أيضاً ضعيف خصوصاً مع قلّة الزكوات وندرة إحرازها فيه ، لأنّ لها أهلاً يعطون فلا تحرز في بيت المال ، مع أنّ الغالب دفع المالك إيّاه من دون إرجاعه إلى سلطان الجائر أو منصوبه.
وتوهّم أنّ قول الراوي : «مخافة على ديني» ربّما يدلّ على حرمته إذ لا جهة للمخافة على الدين بدونها ، يدفعه قوّة احتمال كون المخافة على الدين لأجل استلزام مطالبة النصيب والعطاء الركون إلى الظالم أو الحضور في مجالسه الّذي يوجب أن لا يصيبوا من دنياهم شيئاً حتّى أصابوا من دينه مثله.
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٢١٤ / ٦ ، ب ٥١ ما يكتسب به ، التهذيب ٦ : ٣٣٦ / ٩٣٣.