غيره لنفسه غير جائز بمقتضى العقل والنقل الدالّ على لزوم دخول العوض في ملك مالك المعوّض» (١).
فما يتوهّم : من إمكان الخدشة في الأصل المذكور من أنّه يجب الخروج عنه بعمومات الصحّة جنساً ونوعاً وصنفاً كآية «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (٢) وآية «تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» (٣) وآية «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» (٤) ورواية «البيّعان بالخيار ما لم يفترقا» (٥).
واضح الدفع ، بمنع تناول عمومات الصحّة لما نحن فيه من بيع الإنسان مال غيره ليكون الثمن له وشرائه بمال الغير ليكون المثمن له ، أمّا آية «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» فلعدم صدق العقد على نحو هذه المعاملة نظراً إلى أنّه عبارة عن الربط المعنوي بين المالين كما أشرنا إليه عند بيان صدق العقد على المعاطاة وذكرناه مشروحاً في رسالة مفردة في أصالة الصحّة واللزوم في العقود ، ولا ريب أنّ الربط المعنوي لا يتأتّى بينهما فيما لو فرض وقوع الثمن لغير مالك المثمن أو بالعكس فلا يصدق عليه العقد.
وأمّا آية «تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» فلوضوح أنّ التجارة بمعنى الاكتساب وهو تحصيل المال لا تصدق على بيع مال إلّا على تقدير دخول الثمن في ملك صاحب المال وعوده إليه.
وأمّا آية «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» فلأنّ البيع في معناه العرفي إن كان عبارة عن تمليك عين بمال على وجه التعويض بحيث يكون التعويض داخلاً في ماهيّته لا يصدق إلّا [على] تقدير عود الثمن إلى مالك المثمن وبالعكس ، فلو فرض وقوع الثمن لغير مالك المثمن لم يصدق عليه عرفاً أنّه عوضه ، ولو فرض وقوع المثمن لغير مالك الثمن لم تصدق عليه أنّه معوّضه فلم يتحقّق تعويض فلم يصدق البيع. وإن كان عبارة عن مبادلة مال بمال فلا يصدق البدل والمبدل إلّا على تقدير عود كلّ من البدلين إلى مالك البدل الآخر.
ومن هنا يعلم الوجه في عدم تناول رواية «البيّعان بالخيار» لأنّ البيّع هو البائع وهو من البيع ، وقد عرفت أنّه غير صادق على ما لو وقع لغير مالك البيع.
وأمّا الثاني : فلاستحالة التقرّب بدون نيّة القربة الّتي مرجعها إلى قصد امتثال الأمر
__________________
(١) المكاسب ٣ : ٨٧.
(٢) المائدة : ١.
(٣) النساء : ٢٩.
(٤) البقرة : ٢٧٥.
(٥) الوسائل ١٨ : ٥ / ١ ، أبواب الخيار ، الكافي ٥ : ١٧ / ٥.