بوضعه كلفظ البيع وما يرادفه ، بأن يقول «ملّكتك بيعاً». فالمتّجه حينئذٍ ما عليه الأكثر بناءً على أنّ الوضع في تفسير الصراحة أعمّ من وضع نفس الصيغة الدالّة على الإنشاء ووضع قرينتها اللفظيّة إذا كانت من المشتركات المعنويّة فيصدق على مجموع «ملّكتك بيعاً» أنّ دلالته على التمليك البيعي وضعيّة ، وإن كانت بالنسبة إلى أصل التمليك بوضع «ملّكت» وعلى خصوص كونه بيعيّاً بوضع لفظ «البيع». وهذا في توجيه كلام الأكثر هو مقتضى الجمع بين قولهم باشتراط الصراحة وأنّه لا يقع بالمجازات وقولهم بوقوعه بلفظ «ملّكت». ولا بدّ حينئذٍ من تقييد كلامهم هذا بأمرين : أحدهما عدم إرادة الخصوصيّة من اللفظ ، وثانيهما كون قرينته لفظاً دالّا على العنوان بالوضع ، فليتدبّر.
ولكن ربّما يظهر من المحكيّ عن فخر الدين في شرح الإرشاد من قوله : «معنى بعت في لغة العرب ملّكت غيري» (١) كون التمليك حقيقة خاصّة في البيع بدخول الخصوصيّة في وضعه فيكون ملّكت مرادفاً لبعت ، ووجه الظهور أنّ قوله «معنى بعت ...» الخ ظاهر في كون «ملّكت غيري» تمام معنى «بعت» ولا يكون تمام معناه إلّا إذا دخل خصوص كون التمليك بيعيّاً في وضع ملّكت غيري ومعناه ، وهذا إن تمّ سلم به ظاهر إطلاق الأكثر ، ولا حاجة إلى اعتبار عدم إرادة الخصوصيّة ولا إلى اعتبار القرينة المفهمة فضلاً عن كونها لفظيّة ، لعدم اعتبار ملّكت حينئذٍ غير البيع من الصلح والهبة فيكون ملّكت وبعت سيّان في الصراحة.
ولكنّه محلّ إشكال ، لأنّه ـ مع مخالفته لصريح جماعة من أساطين الطائفة بكونه مشتركاً معنويّاً ـ ممّا يكذّبه عدم صحّة سلب اسم التمليك عن الهبة بغير عوض ، بل لو أنكر الواهب بعد هبة عينه بقوله «ما ملّكتها» ، صحّ تكذيبه وردّه بعبارة «ملّكتها» وهذا آية عدم دخول خصوصيّة البيع في وضع التمليك.
نعم قد يقال : إنّ مادّة التمليك مشتركة معنىً بين التمليك المعاوضي وهو البيع خاصّة والتمليك المجّاني وهو الهبة بلا عوض ، فإن اتّصل بالكلام ذكر العوض أفاد المجموع المركّب بمقتضى الوضع التركيبي البيع ، وإن تجرّد عن ذكر العوض اقتضى
__________________
(١) شرح الإرشاد : ٤٦ ، نقله في مفتاح الكرامة ١٢ : ٤٩٣.