لم يقم إجماع على خلافه» (١) انتهى.
وردّ «بأنّ الرضا بما يصدر من الموجب في المستقبل من نقل ماله بإزاء مال صاحبه ليس فيه إنشاء نقل من القابل في الحال بل هو رضى منه بالانتقال في الاستقبال ، وليس المراد أنّ أصل الرضا بشيء تابع لتحقّقه في الخارج أو لأصل الرضا به حتّى يحتاج إلى توضيحه بما ذكره من المثال ، بل المراد أنّ الرضا الّذي يعدّ قبولاً وركناً في العقد» (٢) انتهى.
وفيه ما عرفت من التحكّم ، والتوضيح بذكر المثال لبيان أنّ تبعيّة القبول للإيجاب عبارة عن تبعيّة القابل الموجب وهي فيه تبعيّة فرضيّة جعليّة من جعل نفس القابل وفرض نفسه متناولاً والموجب مناولاً ، وظاهر أنّ كلّ متناول تابع لمناوله كما في المثال ، ولا يتفاوت الحال في تحقّق هذا المعنى من التبعيّة فيه بين أن يقدّم إنشاءه أو يؤخّره أيضاً كما في المثال.
وقد أجاب عن الاستدلال بالفرعيّة أيضاً في مفتاح الكرامة بما ملخّصه «أنّ فرعيّة القبول لا تمنع من تقديمه على الإيجاب إلّا في لفظ قبلت وإلّا لما جاز ذلك في النكاح ، لأنّ المنع عند قائليه لو كان عقلي والمنع العقلي لا يقبل التخصيص فوجب أن لا يجوز تقديمه في النكاح وهو باطل بدليل الخلف لأنّ المفروض ثبوت جوازه فيه ، وهذا يكشف عن عدم كون الفرعيّة مانعة عنه عقلاً. وأمّا في لفظ قبلت فلا نزاع فيه كما صرّح به جماعة لا للتقديم بل لعدم صحّة هذا اللفظ ، وإنّما النزاع كما في الحاشية الميسيّة والمسالك والروضة ومجمع البرهان ، وهو الّذي نبّه عليه في نهاية الإحكام (٣) وكشف اللثام (٤) في باب النكاح فيما إذا أتى المشتري بلفظ ابتعت أو اشتريت أو نحو ذلك بحيث يشتمل على جميع ما يعتبر في صحّة العقد في صورة تقديم الإيجاب فحينئذٍ يمكن أن يقال : إنّه يصير المشتري موجباً والبائع قابلاً كما في مجمع البرهان (٥) أو يقال : إنّ تبعيّة القبول للإيجاب إنّما هي على سبيل الفرض والتنزيل ...» (٦) إلى آخر
__________________
(١) نقله في مفتاح الكرامة ١٢ : ٥٣١.
(٢) المكاسب ٣ : ١٤٥.
(٣) نهاية الإحكام ٢ : ٤٤٨.
(٤) كشف اللثام ٧ : ٤٧.
(٥) مجمع البرهان ٨ : ١٤٦.
(٦) مفتاح الكرامة ١٢ : ٥٣٠ ـ ٥٣١.