الاصول باطل ، لأنّ عدم تحقّق ماهيّة المعنى الحقيقي في الفرد الادّعائي حقيقة لا ينافي وقوع استعمال اللفظ في معناه الموضوع له فيكون الاستعمال حقيقة ، ولا استعمال للفظ المعاوضة في المقام لئلّا ينافي حقيقيّته عدم تحقّق الملك للبائع حقيقة ، وكون الجعل المفروض لا حقيقة له بل هي أمر لبّي ينوط تحقّقه بتحقّق ملكي العوضين للبائع والمشتري ، والمفروض عدم تحقّقه للبائع في المثمن ، فالمعاملة غير واقعة بين المالكين لتكون معاوضة.
وأمّا الثاني : فلأنّ البائع ادّعى قيام صفة المالكيّة بنفسه ليدخل الثمن في ملكه باعتبار هذه الصفة الّتي لا حقيقة له ، والمالك أجاز بيعه ليقع الثمن له لا لمن ادّعى صفة المالكيّة لنفسه على خلاف الواقع فلم يطابق القصدان ، فالواقع غير مجاز والمجاز غير واقع.
نعم لو قرّر الاعتبار المذكور بأنّ البائع جعل نفسه نفس المالك ادّعاءً بأن ادّعى كونه زيداً مثلاً لو كان المالك زيداً فباع المال عن نفسه بعنوان أنّه زيد ليقع الثمن له بعنوان الزيديّة فأجازه المالك فقد أجاز بيع زيد عن نفسه لنفسه ، كان له وجه ، لأنّه أجاز ما وقع. ولكن هذا الاعتبار غير واقع بل مبنيّ على مجرّد الفرض ، وفرض الشيء لا تحقّق ذلك الشيء.
وقد يجاب أيضاً : بأنّ إجازة عقد الفضولي موجبة لصيرورة العوض ملكاً للفضولي ، وبعبارة اخرى أنّ العقد الملحوق به الإجازة يوجب صيرورة الثمن للفضولي. ونسب (١) ذلك إلى الشيخ النجفي في شرحه للقواعد (٢) وذكروا في توجيهه وجوهاً :
منها : أنّ الإجازة هبة ضمنيّة تفيد دخول العين في ملك العاقد آناً ما ، فيقع البيع في ملكه ويفيد انتقال الثمن إليه.
وفيه : منع واضح تقدّم ذكره في أوائل المسألة ، لعدم القصد إلى الهبة من المجيز ، وعدم تحقّق القبول من العاقد ، وعدم كون العين مقبوضة له حين استكمال عقد الهبة.
ومنها : أنّ الإجازة تنحلّ إلى تمليك المال للفضولي وإمضاء تمليكه الغير ، فإنّ قول الفضولي «بعت» ينحلّ إلى تملّك وتمليك ، فكأنّه قال : «تملّكت هذا عن فلان ثمّ ملّكته
__________________
(١) المكاسب ٣ : ٣٨٤.
(٢) شرح القواعد ٢ : ٢٣ ـ ٢٦.