وفي الأوّل : أنّه مخصوص بموارد التكليف وهي العبادات وغيرها من الواجبات المركّبة إذا تعذّر بعض أجزائها لعذر عقلي أو شرعي فصار بهذا الاعتبار معسوراً وباقي الأجزاء الّتي لم يطرأها عذر عقلاً ولا شرعاً ميسور ، ومفاد الرواية حينئذٍ أنّ هذا الميسور لا يسقط بالمعسور ، على معنى أنّ التكليف لا يسقط عن الجزء الغير المتعذّر بسقوطه عن الجزء المتعذّر.
وهذا هو معنى الخبر الآخر أيضاً ، وحاصله : أنّ كلّ عبادة مركّبة إذا لم يدرك كلّ أجزائها لطروء عذر عقلي أو شرعي لا يترك كلّها حتّى أجزائها الّتي لم يطرأها عذر ، أي لا يجوز ترك أجزائها الباقية ويجب الإتيان بها.
ومحلّ البحث من موارد الوضع لأنّ الكلام في صحّة البيع في مال البائع بعد فساده في مال غيره بعدم إجازته ، والصحّة والفساد من الأحكام الوضعيّة فلا يتناوله الخبران. وإن اوّل بإرجاعه إلى موارد التكليف بالنظر إلى وجوب الوفاء بالعقد فيقال : إنّ وجوب الوفاء بالعقد في مال البائع الّذي هو ميسور لا يسقط بسقوطه في مال غيره الّذي صار معسوراً بعدم إجازته فيتناوله الخبران ، لورد عليه أنّ هذا متّجه لو كان الخطاب بالوفاء متوجّهاً إلى شخص واحد وهو البائع كما في موارد التكليف ومحلّ البحث ليس كذلك ، لأنّ وجوب الوفاء في بعض المبيع خطاب البائع وفي البعض الآخر خطاب غيره على تقدير إجازته ، ولمّا كان التقدير تقدير عدم الإجازة فلم يتوجّه إليه خطاب الوفاء بالعقد فلا ميسور ولا معسور بالنسبة إليه ولا بالنسبة إلى البائع. نعم يبقى الكلام في أنّه هل توجّه ذلك الخطاب إلى البائع في ماله أو لا؟ وهو أوّل المسألة فكيف يشمله الخبران!!.
ولو قيل : إنّ وحدة المخاطب في خطاب الوفاء بالعقد متحقّقة بالنسبة إلى المشتري ، فيصدق في حقّه أنّ تكليفه بالوفاء بالعقد بالنسبة إلى مال البائع لكونه ميسوراً لا يسقط عنه بسقوطه في مال غيره لصيرورته بعدم إجازته معسوراً.
لقلنا : إنّ وفاء المشتري بالعقد على تقدير صحّته بالنسبة إلى جزئي المبيع عبارة عن إقباضه الثمن وتسليمه إيّاه إلى مالكي المبيع ، ولم يتعذّر عليه شيء بل هو متمكّن عن تسليم كلّ من حصّتي مالكي المبيع ، غير أنّه لمّا لم يجز مالك أحد جزئيه العقد في ماله ارتفع موضوع الوفاء بالنسبة إليه ، فسقط عن المشتري وجوب الوفاء بالنسبة إليه