ومعونة الظّالمين بالحرام ،
______________________________________________________
يفيد الجواز مطلقا.
وكذا صحيحة يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قال لي أبي : يا جعفر ، أوقف من مالي كذا وكذا لنوادب تندبني عشر سنين بمنى أيّام منى (١) ولعلّ فيها حكمة يعلمها عليه السلام.
وكذا صحيحة أبي حمزة ـ كأنّه الثمالي ـ عن أبي جعفر عليه السلام حكاية نياحة أمّ سلمة بحضرة النبيّ ، حين استأذنت الرّواح إلى نياحة لابن عمّها (٢).
ويؤيّده أنّ التّحريم للطّرب على الظّاهر ، ولهذا قيّد بالمطرب ، وليس في المراثي الطّرب ، بل ليس إلّا الحزن ، وأكثر هذا يجري في استثناء مطلق المراثي ، وكأنّه ترك للظّهور.
وبالجملة : عدم ظهور دليل التحريم ، والأصل ، وأدلّة جواز النّياحة مطلقا بحيث يشمل الغناء بل الظّاهر أنّها لا تكون إلّا معه ـ يفيد الجواز ، والله يعلم.
ولكن لا بدّ من قصد التّفجّع ، والنّدبة عليه عليه السلام في الغناء بمرثيّته لا غير ، وهو ظاهر.
ثمّ أنّ الظّاهر أنّ المنع من بيع المغنية للتغنيّ مع العلم ، ويمكن المنع مع الظّنّ الغالب المتاخم للعلم كذلك ، لا مطلقا ، فإنّ لها منافع غير الغناء ، ويؤيّده جواز بيع العنب لمن يعمل خمرا ، كما تقدّم ، والاجتناب مطلقا اولى وأحوط.
قوله : «ومعونة الظّالمين بالحرام» متعلّق بمعونة ، أي : يحرم معونة الظّالمين بما يحرم ، يريد به الاحتراز عن معونتهم بالمباحات ، كالخياطة لهم والبناء والزّراعة وغيرها ، ويمكن كراهة ذلك أيضا ، لأنّه معاملة مع الظّالمين ، وتصرّف في المشتبهات
__________________
(١) الوسائل ، التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، الباب ١٧ ، الحديث ١.
(٢) نفس المصدر ، ونفس الباب ، الحديث ٢.