وهجاء المؤمنين ،
______________________________________________________
ولعلّ دليل التّحريم أنّه قد يؤول إلى ما هو المحرّم ، وهو العمل به ، وأنّ حفظها ونسخها ينبئ عن الرّضا بالعمل والاعتقاد بما فيه ، وهو ممنوع ، وأنّها مشتملة على البدعة ويجب دفعها من باب النّهي عن المنكر وهما ينافيانه ، وقد يكون إجماعيّا أيضا يفهم من المنتهى.
ثمّ إنّ الظّاهر أنّ الممنوع منه هو الضّلال فقط لا مصنّف المخلف في مذهبه مطلقا ، وإن وافق الحق ، فتفاسير المخالفين ليست بممنوع منها إلّا المواضع المخصوصة المعلوم بطلانها وفسادها من الدّين. وإن الظّاهر (ان خ) لا قصور في أصول فقههم إلّا موضع نادر ، إذ الحقّ هنا ما ثبت بالدّليل ، وليس هنا شيء مقرّر في الدّين قد خولف ، بل كتبهم في ذلك مثل كتبنا في نقل الخلاف واختيار ما هو المبرهن وهو الحق.
وكذا بيعها وسائر التكسّب بها ، على أنّه يجوز كلّه للأغراض الصّحيحة ، بل قد يجب كالتّقيّة والنّقض والحجّة واستنباط الفروع ونقلها ونقل أدلّتها إلى كتبنا وتحصيل القوّة وملكة البحث لأهلها.
قوله : «وهجاء المؤمنين» قيل : ـ بالكسر والمدّ ـ ذكر الغائب بالشّعر ، وقيد المؤمنين يخرج غيرهم ، فيجوز هجاؤه كما يجوز لعنه.
لعلّ المراد بذكر الغائب بالشّعر بما يدلّ على ما يؤذيه وينقصه ، وقيد الغائب كأنّه لاعتبار معنى اللّغة ، وإلّا فالتّحريم ليس بمخصوص به ، بل في الحاضر أشدّ.
ولعلّ دليل التّحريم هو الإجماع ، ذكره في المنتهى ، وأنّه غيبة.
والظّاهر أنّ عموم أدلّة تحريم الغيبة من الكتاب والسّنّة يشمل المؤمنين وغيرهم ، فإنّ قوله تعالى «وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً» (١) إمّا للمكلّفين كلّهم ، أو
__________________
(١) سورة الحجرات ، الآية ١٢.