جهل فقال : يا أبا الحكم ، أخبرني عن محمّد أصادق هو أم كاذب ، فإنه ليس هاهنا أحد يسمع كلامك غيري؟
فقال أبو جهل : والله إن محمّدا لصادق ، وما كذب محمد قطّ ، ولكن إذا ذهبت بنو قصيّ باللّواء والسّقاية والحجابة والندوة ، والنّبوّة ، فماذا يكون لسائر قريش ، فأنزل الله هذه الآية (١).
وقال ناجية بن كعب : قال أبو جهل للنبي صلىاللهعليهوسلم : ما نتّهمك ولا نكذّبك ، ولكنّا نكذّب الذي جئت به ، فأنزل الله ـ تعالى ـ هذه الآية (٢).
وقيل : إنّ الحارث بن عامر من قريش قال : يا محمّد ، والله إن اتّبعناك نتخطّف من أرضنا ، فنحن لا نؤمن بك لهذا السّبب. واعلم أن فرق الكفار كانوا كثيرين ، فمنهم من ينكر نبوّته ؛ لأنه ينكر أن يكون الرسول من البشر ، وقد تقدّم شبهتهم ، وأجاب الله عنها (٣).
ومنهم من ينكر البعث ، ويقول : إن محمّدا يخبر بالحشر والنّشر بعد الموت ، وذلك محال ، فيطعن في رسالة محمّد من هذا الوجه ، وقد ذكر الله شبههم في هذه السّورة ، وأجاب عنها.
ومنهم من كان يشافهه بالسّفاهة وهو المذكور في هذه الآية.
واختلفوا في ذلك المحزن.
فقيل : كانوا يقولون : ساحر ، وشاعر ، وكاهن ، ومجنون وهو قول الحسن (٤).
وقيل : كانوا يصرّحون بأنهم لا يؤمنون به (٥).
وقيل : كانوا ينسبونه إلى الكذب (٦).
__________________
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ١٨) وعزاه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن أبي يزيد المدني.
(٢) أخرجه الترمذي (٥ / ٢٤٣) كتاب التفسير باب سورة الأنعام (٣٠٦٤) والحاكم (٢ / ٣١٥) والطبري (٥ / ١٨١) عن ناجية بن كعب وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي فقال : ما خرجا لناجية شيئا.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ١٧ ـ ١٨) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والضياء في المختارة من طريق ناجية بن كعب الأسدي عن علي بن أبي طالب.
وناجية قال ابن معين : صالح وقال أبو حاتم : شيخ وقال العجلي وابن حبان : ثقة وانظر تهذيب التهذيب (١٠ / ٣٩٩) وتقريب التهذيب (٢ / ٢٩٤ والكشاف (٣ / ١٩٥) وتاريخ البخاري الكبير (٨ / ١٠٧) والجرح والتعديل (٨ / ٢٢٢٣) وميزان الاعتدال (٤ / ٢٣٩) ولسان الميزان (٧ / ٤٠٧) ومعرفة الثقات (١٨٣٠).
(٣) ينظر : الرازي ١٢ / ١٦٩.
(٤) ينظر : الرازي ١٢ / ١٦٨.
(٥) ينظر : المصدر السابق.
(٦) ينظر : المصدر السابق.