ورش ، والنّحاة يستضعفون إبدال هذه الهمزة ألفا ، بل المشهور عندهم تسهيلها بين بين ، وهي الرواية (١) المشهورة عن نافع ، لكنّه قد نقل الإبدال المحض (٢) قطرب وغيره من اللغويين قال بعضهم : «هذا غلط غلّط عليه» ، أي : على نافع ، وسبب ذلك أنه يؤدّي إلى الجمع بين ساكنين ، فإن «الياء» بعدها ساكنة.
ونقل أبو عبيد القاسم بن سلام عن أبي جعفر (٣) ونافع ، وغيرهما من أهل «المدينة» أنهم يسقطون الهمزة ، ويدّعون أن الألف خلف منها.
قال شهاب الدين : وهذه العبارة تشعر بأنّ هذه الألف ليست بدلا من الهمزة ، بل جيء بها عوضا عن الهمزة السّاقطة.
وقال مكّيّ بن أبي طالب : «وقد روي عن ورش إبدال الهمزة ألفا ؛ لأن الرّواية عنه أنه يمدّ الثانية ، والمدّ لا يتمكن إلّا مع البدل ، وحسّن جواز البدل في الهمزة وبعدها ساكن أنّ الأوّل حرف مدّ ولين ، فإن هذا الذين يحدث مع السكون يقوم مقام حركة يتوصّل بها إلى النّطق بالساكن».
وقد تقدّم شيء من هذا عند قوله : (أَأَنْذَرْتَهُمْ) [البقرة : ٦].
ومنها : أن تحذف الهمزة التي هي عين الكلمة ، وبها قرأ الكسائي (٤) ، وهي فاشية نظما ونثرا فمن النظم قوله : [الرجز]
٢١٥٨ ـ أريت ما جاءت به أملودا |
|
مرجّلا ويلبس البرودا |
أقائلنّ أحضروا الشّهودا (٥) |
وقال الآخر : [الطويل]
٢١٥٩ ـ أريتك إذ هنّا عليك ألم تخف |
|
رقيبا وحولي من عدوّك حضّر (٦) |
وأنشد الكسائي لأبي الأسود : [المتقارب]
٢١٦٠ ـ أريت امرأ كنت لم أبله |
|
أتاني فقال : اتّخذني خليلا (٧) |
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٥٥ ، حجة القراءات ص (٢٥٠).
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٥٥.
(٣) ينظر : حجة القراءات ص (٢٥٠) ، السبعة ٣ / ٣٠٦ ، إعراب القراءات السبع ١ / ١٥٦.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ٧٥٥ إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١١ ، حجة القراءات ص (٢٥٠).
(٥) البيت لرؤبة أو لرجل من هذيل. ينظر : أشعار الهذليين ٢ / ٦٥١ والمغني ٢ / ٣٣٩ ، الخصائص ١ / ١٣٦ ، اللسان (رأى) الدر المصون ٣ / ٥٥.
(٦) البيت لعمر بن أبي ربيعة وهو في ديوانه ص (٩٦) ، الدر المصون ٣ / ٥٥.
(٧) البيت لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص (٥٣) ، الأغاني ١٢ / ٣١٥ ، خزانة الأدب ١ / ٢٨٣ ، ١١ / ٣٧٩ ، شرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٣٧ ، شرح شواهد الشافية ص (٣١٤) ، الدر المصون ٣ / ٥٥.