وزعم الفرّاء أن هذه اللّغة لغة أكثر العرب. قال : «في أرأيت لغتان ومعنيان :
أحدهما : أن يسأل الرجل : أرأيت زيدا ، أي : أعلمت ، فهذه مهموزة.
وثانيهما : أن تقول : أرأيت بمعنى «أخبرني» ، فهاهنا تترك الهمزة إن شئت ، وهو أكثر كلام العرب تؤمىء إلى ترك الهمزة للفرق بين المعنيين». انتهى.
وفي كيفية حذف هذه الهمزة ثلاثة أوجه :
أحدها : ـ وهو الظّاهر ـ أنه استثقل الجمع بين همزتين في فعل اتّصل به ضمير ، فخفّفه بإسقاط إحدى الهمزتين ، وكانت الثانية أولى ، لأنها حصل بها الثّقل (١) ؛ ولأنّ حذفها ثابت في مضارع هذا الفعل ، نحو : أرى ، ويرى ، ونرى ، وترى ، ولأنّ حذف الأولى يخلّ بالتّفاهم ، إذ هي للاستفهام.
والثاني : أنه أبدل الهمزة ألفا ، كما فعل نافع في رواية ورش ، فالتقى ساكنان ، فحذف أولهما وهو الألف.
والثالث : أنه أبدلها ياء ، ثم سكّنها ، ثم حذفها لالتقاء الساكنين ، قاله أبو البقاء (٢) ، وفيه بعد ، ثم قال : «وقرّب ذلك فيها حذفها في مستقبل هذا الفعل» يعني في يرى وبابه ، ورجّح بعضهم مذهب الكسائي بأن الهمزة قد اجترىء عليها بالحذف ، وأنشد : [الرجز]
٢١٦١ ـ إن لم أقاتل فالبسوني برقعا (٣)
وأنشد لأبي الأسود : [الكامل]
٢١٦٢ ـ يا با المغيرة ربّ أمر معضل |
|
فرّجته بالمكر مني والدّها (٤) |
[وقولهم : «ويلمّه»](٥).
وقوله : [البسيط]
٢١٦٣ ـ ويلمّها خلّة قد سيط من دمها |
|
فجع وولع وإخلاف وتبديل (٦) |
وأنشد أيضا : [الوافر]
٢١٦٤ ـ ومن را مثل معدان بن سعد |
|
إذا ما النّسع طال على المطيّه (٧) |
أي : ومن رأى.
__________________
(١) في ب : النقل.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ٢٤١.
(٣) تقدم.
(٤) البيت لأبي الأسود الدؤلي في ملحق ديوانه ص (٣٧٨) ، المقرب ٢ / ٢٠٠ ، الممتع في التصريف ٢ / ٦٢٠ ، خزانة الأدب ١٠ / ٣٤١ ، رصف المباني ص ٤٤. الدر المصون ٣ / ٥٦.
(٥) سقط في ب.
(٦) تقدم.
(٧) ينظر : اللسان (رأى) الدر المصون ٣ / ٥٦.