ومنها : أنه لا يدخلها تعليق ، ولا إلغاء ؛ لأنها [بمعنى](١) «أخبرني» و «أخبرني» لا يعلّق عند الجمهور.
قال سيبويه (٢) : «وتقول : أرأيتك زيدا أبو من هو؟ لا يحسن فيه إلّا النّصب في «زيد» ، ألا ترى أنّك لو قلت : «أرأيت أبو من أنت؟» لم يحسن ؛ لأن فيه معنى أخبرني عن زيد ، وصار الاستفهام في موضع المفعول الثاني» وقد خالف سيبويه غيره من النحويين وقالوا : كثيرا ما تعلّق «أرأيت» وفي القرآن من ذلك كثير ، واستدلّوا بهذه الآية التي نحن فيها ، وبقوله : (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يَعْلَمْ) [العلق : ١٣ ، ١٤] ، وبقوله :
٢١٦٥ ـ أريت ما جاءت به أملودا (٣)
وهذا لا يرد على سيبويه ، وسيأتي تأويل ذلك قريبا.
ومنها : أنها تلحقها «التاء» ، فيلتزم إفرادها وتذكيرها ، ويستغنى عن لحاق علامة الفروع بها بلحاقها بالكاف ، بخلاف التي لم تضمّن معنى «أخبرني» فإنها تطابق فيها ، كما تقدّم ما يراد بها.
ومنها : أنه يلحقها «كاف» هي حرف خطاب تطابق ما يراد بها من إفراد وتذكير وضدّيهما ، وهل هذه «التّاء» فاعل ، و «الكاف» حرف خطاب [تبيّن أحوال التاء ، كما تبينه إذا كانت ضميرا ، أو التاء حرف خطاب](٤) و «الكاف» هي الفاعل ، واستعير ضمير النّصب في مكان ضمير الرفع ، أو «التاء» فاعل أيضا ، و «الكاف» ضمير في موضع المفعول الأول؟
ثلاثة مذاهب مشهورة ، الأوّل : قول البصريين ، والثاني : قول الفراء (٥) ، والثالث : قول الكسائي ، ولنقتصر على بعض أدلّة كلّ فريق.
قال أبو علي : «قولهم : «أرأيتك زيدا ما فعل» بفتح «التاء» في جميع الأحوال ، فالكاف لا يخلو أن يكون للخطاب مجرّدا ، ومعنى الاسمية مخلوع منه ، أو يكون دالا على الاسم مع دلالته على الخطاب ، ولو كان اسما لوجب أن يكون الاسم الذي بعده هو هو ؛ لأن هذه الأفعال مفعولها الثّاني هو الأوّل في المعنى ، لكنه ليس به ، فتعيّن أن يكون مخلوعا منه الاسميّة ، وإذا ثبت أنه للخطاب معرى من الاسمية ثبت أن «التاء» لا تكون لمجرّد الخطاب ، ألا ترى أنه لا ينبغي أن يلحق الكلمة علامتا خطاب ، كما لا يلحقها علامتا تأنيث ولا علامتا استفهام ، فلمّا لم يجز ذلك أفردت «التاء» في جميع الأحوال لمّا كان الفعل لا بدّ من فاعل ، وجعل في جميع الأحوال على لفظ واحد استغناء بما
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر : الكتاب ١ / ١٢٢.
(٣) تقدم.
(٤) سقط في أ.
(٥) ينظر : معاني القرآن ١ / ٣٣٣.