الرحمن (١) السّلمي ، والحسن البصري ، ومالك بن دينار ، وأبي رجاء العطارديّ ، ونصر بن عاصم الليثي ، والأشهر (٢) في «الغدوة» أنها معرّفة بالعلميّة ، وهي علميّة الجنس ك «أسامة» في الأشخاص ، ولذلك منعت من الصّرف.
وقال الفراء (٣) : «سمعت أبا الجرّاح يقول : ما رأيت [كغدوة](٤) قط ، يريد غداة يومه».
قال : «ألا ترى أن العرب لا تضيفها ، فكذا لا يدخلها الألف واللام ، إنما يقولون : جئتك غداة الخميس».
وقال الفرّاء في كتاب «المعاني» (٥) في «سورة الكهف» : «قرأ أبو عبد الرحمن السّلميّ : «بالغدوة والعشيّ» ولا أعلم أحدا قرأ بها غيره ، والعرب تدخل الألف واللام في «الغدوة» ؛ لأنها معرفة بغير ألف ولام» فذكره إلى آخره.
وقد طعن أبو عبيد القاسم بن سلّام على هذه القراءة ، فقال : «إنما نرى ابن عامر ، والسلمي قرءا تلك القراءة اتّباعا للخطّ ، وليس في إثبات «الواو» في الكتاب دليل على القراءة بها ؛ لأنهم كتبوا «الصّلاة» و «الزكاة» بالواو ، ولفظهما على تركها ، وكذلك «الغداة» على هذا وجدنا العرب».
وقال الفارسيّ : الوجه قراءة العامة «بالغداة» ؛ لأنها تستعمل نكرة ومعرفة باللام ، فأمّا «غدوة» فمعرفة ، وهو علم وضع للتعريف ، وإذا كان كذلك ، فلا ينبغي أن تدخل عليه الألف واللام للتعريف ، كما لا تدخل على سائر الأعلام ، وإن كانت قد كتبت بالواو ؛ لأنها لا تدلّ على ذلك ، ألا ترى «الصلاة» و «الزكاة» بالواو ، ولا تقرآن بها ، فكذلك «الغداة».
قال سيبويه (٦) : «غدوة وبكرة جعل كلّ واحد منهما اسما للحين ، كما جعلوا : «أمّ حبين» (٧) اسما لدابّة معروفة» إلّا أنّ هذا الطّعن لا يلتفت إليه ، وكيف يظنّ بمن تقدّم أنهم
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٦٨ ، البحر المحيط ٤ / ١٣٩.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٦٨ ، البحر المحيط ٤ / ١٣٩.
(٣) ينظر : معاني القرآن ٢ / ١٣٩.
(٤) سقط في أ.
(٥) ينظر : المعاني للفراء ٢ / ١٣٩.
(٦) ينظر : الكتاب ٢ / ٤٨.
(٧) أمّ حبين بحاء مهملة مضمومة ، وباء موحدة مفتوحة مخففة ، دويبة مثل ابن عرس ، وابن آوى ، وسام أبرص وابن قترة إلّا أنه تعريف جنس ، وربما أدخل عليه الألف واللام ، ثم لا يكون بحذفهما منه نكرة ، وإنما سميت بذلك من الحبن تقول : فلان به حبن فهو أحبن ، أي : مستسقى بذلك ؛ لكبر بطنها وهي على خلقة الحرباء غير الصدر ، وقيل : هي أنثى الحرابي ، وهما أما حبين وهن أمهات حبين ، وهي دابة على قدر الكفّ تشبه الضب غالبا ؛ قاله أبو منصور الأزهري ، وما نقله من كونها أنثى الحرابي هو الذي نقله صاحب الكفاية ، فإنه قال : الحرباء ذكر أم حبين وقال ابن السكيت : هي أعرض من العظاءة ، وفي رأسها عرض ، وقال أبو زيد : إنها غبراء لها أربع قوائم على قدر الضفدعة التي ليست بضخمة ينظر : حياة الحيوان ١ / ٢٨٦.