قوله : «أنّه ، فأنّه» قرأ ابن عامر (١) ، وعاصم بالفتح فيهما ، وابن كثير وأبو عمرو ، وحمزة(٢) ، والكسائي بالكسر فيهما ، ونافع (٣) بفتح الأولى ، وكسر الثانية ، وهذه القراءات الثلاث في المتواتر ، والأعرج بكسر (٤) الأولى وفتح الثانية عكس قراءة نافع ، هذه رواية الزّهراوي عنه ، وكذا الدّاني.
وأمّا سيبويه فروى قراءته كقراءة نافع ، فيحتمل أن يكون عنه روايتان.
فأمّا القراءة الأولى ففتح الأولى فيها من أربعة أوجه :
أحدها : أنها بدل من «الرحمة» بدل شيء من شيء ، والتقدير : «كتب على نفسه أنه من عمل» إلى آخره ، فإنّ نفس هذه الجمل المتضمنة للإخبار بذلك رحمة.
والثاني : أنها في محلّ رفع على أنها مبتدأ ، والخبر محذوف ، أي : «عليه أنه من عمل» إلى آخره.
والثالث : أنها [فتحت] على تقدير حذف حرف الجرّ ، والتقدير : «لأنه من عمل» ، فلما حذفت «اللامّ» جرى في محلّها الخلاف المشهور.
الرابع : أنها مفعول ب «كتب» ، و «الرحمة» مفعول من أجله ، أي : أنه كتب أنّه من عمل لأجل رحمته إياكم.
قال أبو حيّان (٥) : وينبغي ألا يجوز ؛ لأنّ فيه تهيئة العامل للعمل ، وقطعه عنه.
وأمّا فتح الثانية فمن خمسة أوجه :
أحدها : أنها في محلّ رفع على أنها مبتدأ ، والخبر محذوف ، أي : فغفرانه ورحمته حاصلان أو كائنان ، أو فعليه غفرانه ورحمته.
وقد أجمع القرّاء على فتح ما بعد «فاء» الجزاء في قوله : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) [التوبة : ٦٣] (كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ) [الحج : ٤] كما أجمعوا على كسرها في قوله : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) [الجن : ٢٣].
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٧٣ ، البحر المحيط ٤ / ١٤٤ ، حجة القراءات ص (٢٥٢) ـ ٢٥٣) ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٣ ، الحجة للقراء السبعة ٣ / ٣١١ ، الوسيط في تفسير القرآن المجيد ٢ / ٢٧٧ ، النشر ٢ / ٢٥٨.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٧٣ ، البحر المحيط ٤ / ١٤٤ ، حجة القراءات ص (٢٥٢ ـ ٢٥٣) ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٣ ، الحجة للقراء السبعة ٣ / ٣١١ ، الوسيط في تفسير القرآن المجيد ٢ / ٢٧٧ ، النشر ٢ / ٢٥٨ ، القطع والائتناف (٣٠٥ ـ ٣٠٦) ، روح المعاني ٧ / ١٦٥.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ٧٣ ، البحر المحيط ٤ / ١٤٤ ، الوسيط في تفسير القرآن المجيد ٢ / ٧٧ ، حجة القراءات ص (٢٥٢ ـ ٢٥٣) ، الحجة للقراء السبعة ٣ / ٣١١ ، النشر ٢ / ٢٥٨ ، القطع والائتناف (٣٠٥ ـ ٣٠٦).
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ٧٣ ، البحر المحيط ٤ / ١٤٤ ، الوسيط في تفسير القرآن المجيد ٢ / ٧٧ ، حجة القراءات ص (٢٥٢ ـ ٢٥٣) الحجة للقراء السبعة ٣ / ٣١١ ، النشر ٢ / ٢٥٨.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٤٤.