سيبويه (١) ، والإشارة بذلك إلى التفصيل السّابق ، تقديره : مثل ذلك التّفصيل البيّن ، وهو ما سبق من أحوال الأمم نفصّل آيات القرآن.
وقال ابن عطية (٢) : والإشارة بقوله : «وكذلك» إلى ما تقدّم ، من النّهي عن طرد المؤمنين ، وبيان فساده بنزع المعارضين لذلك.
و (نُفَصِّلُ الْآياتِ) نبيّنها ونشرحها ، وهذا شبيه بما تقدّم له في قوله : (وَكَذلِكَ فَتَنَّا) [الأنعام : ٥٣] وتقدّم أنه غير ظاهر.
قوله : (وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ) قرأ الأخوان (٣) ، وأبو بكر : «وليستبين» بالياء من تحت ، و «سبيل» بالرفع.
ونافع (٤) : «ولتستبين» بالتّاء من فوق ، «سبيل» بالنصب ، والباقون : بالتاء من فوق ، و «سبيل» بالرفع. وهذه القراءت دائرة على تذكير «السبيل» وتأنيثه وتعدي «استبان» ولزومه ، وإيضاح هذا أن لغة نجد وتميم تذكير «السبيل» وعليه قوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) [الأعراف : ١٤٦].
ولغة «الحجاز» التأنيث ، وعليه (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي) [يوسف : ١٠٨] وقوله : (لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً) [آل عمران : ٩٩].
وقوله : [البسيط]
٢١٨٤ ـ خلّ السّبيل لمن يبني المنار بها |
|
..........(٥) |
وأمّا «استبان» فيكون متعدّيا ، نحو : «استبنت الشّيء» ، ويكون لازما نحو : «استبان الصّبح» بمعنى «بان» ، فمن قرأ بالياء من تحت ، ورفع فإنه أسند الفعل إلى «السّبيل» ، فرفعه على أنه مذكر وعلى أن الفعل لازم.
__________________
(١) ينظر : الكتاب ١ / ١١٦.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٢٩٧.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ٧٦ ، البحر المحيط ٤ / ١٤٤ ، الوسيط ٢ / ٧٧ ، الكشاف ٢ / ٢٩ ، الحجة لأبي زرعة ص (٢٥٣) ، السبعة ص (٢٥٨) ، النشر ٢ / ٢٥٨ ، الزجاج ٢ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ، التبيان ١ / ٥٠١ ، الفراء ١ / ٣٣٧ ، الأخفش ٢ / ٤٩٠.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ٧٦ ، البحر المحيط ٤ / ١٤٥ ، الوسيط ٢ / ٧٧ ، الكشاف ٢ / ٢٩ ، الحجة لأبي زرعة ص (٢٥٣) ، السبعة ص (٢٥٨) ، النشر ٢ / ٢٥٨ ، الزجاج ٢ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ، التبيان ١ / ٥٠١ ، الفراء ١ / ٣٣٧.
(٥) صدر بيت لجرير وعجزه :
وأبرز ببرزة حيث اضطرك القدر
ديوانه ١ / ٢١١ ، شرح التصريح ٢ / ١٩٥ ، الصاحبي في فقه اللغة ص (١٨٦) ، الكتاب ١ / ٢٥٤ ، لسان العرب (برز) ، المقاصد النحوية ٤ / ٣٠٧ ، أوضح المسالك ٤ / ٧٨ ، الرد على النحاة ص (٧٥) ، شرح الأشموني ٢ / ٤٨١ ، شرح المفصل ٢ / ٣٠ ، الدر المصون ٣ / ٧٦.