قوله «له أصحاب» جملة في محلّ نصب صفة ل «حيران» ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في «حيران» ، وأن تكون مستأنفة (١) ، و (إِلَى الْهُدَى) متعلقة ب «يدعونه» ، وفي مصحف ابن مسعود وقراءته : «أتينا» بصيغة الماضي ، و (إِلَى الْهُدَى) على هذه القراءة متعلّق به ، وعلى قراءة الجمهور ، فالجملة الأمرية في محل نصب بقول مضمر أي يقولون : ائتنا والقول المضمر في محل صفة لأصحاب وكذلك «يدعونه». قالوا : نزلت هذه الآية في عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه فإنه كان يدعو أباه إلى الكفر ، وأبوه يدعوه إلى الإيمان.
وقيل : المراد أن لذلك الكافر الضّالّ أصحابا يدعونه إلى ذلك الضّلال ، ويسمونه بأنه هو الهدى ، والصحيح الأوّل.
ثم قال تعالى : (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى) يزجر بذلك عن عبادة الأصنام ، كأنه يقول : لا تفعل ذلك ، فإن الهدى هدى الله لا هادي غيره. قوله : «وأمرنا لنسلم» في هذه «اللام» أقوال :
أحدها : وهو مذهب سيبويه (٢) أن هذه اللام بعد الإرادة والأمر وشبههما متعلّقة بمحذوف على أنها خبر للمبتدأ ، وذلك المبتدأ هو مصدر من ذلك الفعل المتقدم ، فإذا قلت : أردت لتقوم وأمرت زيدا ليذهب ، كان التقدير : الإرادة للقيام ، والأمر للذّهاب ، كذا نقل أبو حيّان (٣) ذلك عن سيبويه وأصحابه ، وفيه ضعف تقدّم في سورة النساء عند قوله (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) [النساء : ٢٦].
الثاني : أن مفعول الأمر والإرادة محذوف ، وتقديره : وأمرنا بالإخلاص لنسلم.
الثالث : قال الزمخشري (٤) : هي تعليل للأمر بمعنى أمرنا وقيل لنا أسلموا لأجل أن نسلم.
الرابع : أن «اللام» زائدة ؛ أي : أمرنا أن نسلم.
الخامس : أنها بمعنى «الباء» أي بأن نسلم.
السادس : أن «اللام» وما بعدها مفعول الأمر واقعة موقع «أن» أي : أنهما متعاقبان ، فتقول : أمرتك لتقوم ، وأن تقوم ، وهذا مذهب الكوفيين.
وقال ابن عطية (٥) : ومذهب سيبويه أن «لنسلم» في موضع المفعول ، وأن قولك : أمرت لأقوم وأن أقوم يجريان سواء وقال الشاعر : [الطويل]
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٩٤ ، البحر المحيط ٤ / ١٦٢.
(٢) ينظر : الكتاب ١ / ٤٧٩.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٦٣.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ٣٧.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣٠٨.