الهدى ، والمعنى اقتد اقتداء الهدى ، ويجوز أن يكون الهدى مفعولا لأجله ؛ أي : فبهداهم اقتد لأجل الهدى.
وقيل : الاقتداء ؛ أي : اقتد الاقتداء ، ومن إضمار المصدر قول الشاعر : [البسيط]
٢٢٣٠ ـ هذا سراقة للقرآن يدرسه |
|
والمرء عند الرّشا إن يلقها ذيب (١) |
أي : يدرس الدّرس ، ولا يجوز أن تكون «الهاء» ضمير القرآن ؛ لأن الفعل قد تعدّى له ، وإنما زيدت «اللام» تقوية له ، حيث تقدّم معموله ، وكذلك جعل النّحاة نصب «زيدا» من «زيدا ضربته» بفعل مقدّر ، خلافا للفراء (٢).
قال ابن الأنباريّ : «إنها ضمير المصدر المؤكد النائب عن الفعل ، وإن الأصل : اقتد اقتد ، ثم جعل المصدر بدلا من الفعل الثاني ، ثم أضمر فاتّصل بالأول».
وأما قراءة ابن عامر (٣) فالظّاهر فيها أنها ضمير ، وحرّكت بالكسر من غير وصل وهو الذي يسميه القرّاء الاختلاس تارة ، وبالصلة وهو المسمّى إشباعا أخرى كما قرىء : (أَرْجِهْ) [الأعراف : ١١١] ونحوه.
وإذا تقرّر هذا فقول ابن مجاهد عن ابن عامر «يشمّ الهاء من غير بلوغ ياء» وهذا غلط ؛ لأن هذه «الهاء» هاء وقف لا تعرب في حال من الأحوال ، أي : لا تحرك وإنما تدخل ليتبيّن بها حركة ما قبلها ليس بجيّد لما تقرر من أنها ضمير المصدر ، وقد ردّ الفارسي (٤) قول ابن مجاهد بما تقدم.
والوجه الثاني : أنها هاء سكت أجريت مجرى الضمير ، كما أجريت هاء الضمير مجراها في السكون ، وهذا ليس بجيّد ، ويروى قول المتنبي : [البسيط]
٢٢٣١ ـ واحرّ قلباه ممّن قلبه شبم |
|
.......... (٥) |
بضم «الهاء» وكسرها على أنها «هاء» السّكت ، شبّهت بهاء الضمير فحركت ، والأحسن أن تجعل الكسر لالتقاء الساكنين لا لشبهها بالضمير ؛ لأن «هاء» الضمير لا تكسر بعد الألف ، فكيف بما يشبهها؟
والاقتداء في الأصل طلب الموافقة قاله اللّيث. ويقال : قدوة وقدو وأصله من القدو وهو أصل البناء الذي يتشعب منه تصريف الاقتداء.
__________________
(١) تقدم برقم ٨٤٠.
(٢) ينظر : معاني القرآن ١٠ / ٨٢.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ١١٨.
(٤) ينظر : الحجة ٢ / ٤١٢.
(٥) صدر بيت وعجزه :
ومن بجسمي وحالي عنده سقم
ينظر : ديوانه ٤ / ١٨٠ ، ابن يعيش ١٠ / ٤٤ ، التصريح ٢ / ١٨٣ ، العمدة ٢ / ١٢٣ ، الدر المصون ٣ / ١١٨.