وزعم أبو سعيد السّيرافيّ أن اسم الفاعل المتعدي إلى اثنين يجوز أن يعمل في الثّاني ، وإن كان ماضيا.
قال : لأنه لما أضيف إلى الأوّل تعذّرت إضافته للثاني ، فتعين نصبه له.
وقال بعضهم : لأنه بالإضافة أشبه المعرف ب «أل» فيستعمل مطلقا فعلى هذا «سكنا» منصوب به أيضا وأما إذا قلنا : إنه بمعنى الحال والاستقبال ، فنصبه به ، و «سكن» فعل بمعنى مفعول كالقبض بمعنى مقبوض ، ومعنى سكن ، أي ما يسكن إليه الرجل ، ويطمئن إليه استئناسا به واسترواحا إليه من زوج أو حبيب ، ومنه قيل للنار سكن ؛ لأنه يستأنس بها ، ألا تراهم كيف سمّوها المؤنسة (١).
قوله : «والشّمس والقمر حسبانا» قرأ الجمهور (٢) بنصب «الشّمس» و «القمر» وهي واضحة على قراءة الكوفيين (٣) ، أي : بعطف هذين المنصوبين على المنصوبين ب «جعل» و «حسبانا» فيه الوجهان في «سكنا» من المفعول الثاني والحال.
وأما على قراءة (٤) الجماعة فإن اعتقدنا كونه ماضيا فلا بدّ من إضمار فعل ينصبهما ، أي : وجعل الشمس.
وإن قلنا : إنه غير ماض فمذهب سيبويه (٥) أيضا أن النّصب بإضمار فعل ، تقول : هذا ضارب زيدا الآن أو غدا أو عمرا بنصب عمرو ، وبفعل مقدّر لا على موضع المجرور [باسم الفاعل ، وعلى رأي غيره يكون النصب](٦) على محل المجرور ، وينشدون قوله : [البسيط]
٢٢٦٤ ـ هل أنت باعث دينار لحاجتنا |
|
أو عبد ربّ أخا عون بن مخراق (٧) |
بنصب «عبد» ، وهو محتمل للوجهين على المذهبين.
وقال الزمخشري (٨) : أو يعطفان على محل «الليل».
فإن قلت : كيف يكون ل «الليل» محلّ ، والإضافة حقيقيّة ، لأن اسم الفاعل المضاف إليه في معنى المضيّ ، ولا تقول : زيد ضارب عمرا أمس.
__________________
(١) ينظر : الرازي ١٣ / ٨١.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٣٣ ، البحر المحيط ٤ / ١٩٠ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٢٣ ، الحجة لأبي زرعة ٢٦٢ ، السبعة ٢٦٣ ، النشر ٢ / ٢٦٠ ، التبيان ١ / ٥٢٣ ، الزجاج ٢ / ٢٠١ ، الحجة لابن خالويه ١٤٦.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٣٣.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٣٣ ـ ١٣٤ ، البحر المحيط ٤ / ١٩٠.
(٥) ينظر : الكتاب ١ / ٥٦ ، ٨٦.
(٦) سقط في أ.
(٧) ينظر البيت في الكتاب ١ / ٧١ ، خزانة الأدب ٧ / ٢١٥ ، همع الهوامع ٢ / ١٤٥ ، الدرر ٢ / ٢٠٤ ، المقتضب ٤ / ١٥١ ، الدر المصون ٣ / ١٣٤.
(٨) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٠.