صاحبا حال ، و «حسبان» حال ، والمفعول الثاني هو الأوّل ، والحال لا بد وأن تكون صادقة على ذي الحال ، فمهما كان الجواب لكم كان لنا.
والجواب ظاهر مما تقدّم.
والحسبان فيه قولان :
أحدهما : أنه جمع ، فقيل : جمع «حساب» ك «ركاب» و «ركبان» و «شهاب» و «شهبان» ، وهذا قول أبي عبيد (١) والأخفش (٢) وأبي الهيثم والمبرد.
وقال أبو البقاء (٣) : هو جمع «حسبانة» وهو غلط ؛ لأن الحسبانة : القطعة من النار ، وليس المراد ذلك قطعا.
وقيل : بل هو مصدر ك «الرّجحان» والنقصان و «الخسران» ، وأما الحساب فهو اسم لا مصدر وهذا قول ابن السّكّيت.
وقال الزمخشري (٤) : و «الحسبان» بالضم مصدر حسبت يعني بالفتح ، كما أن الحسبان بالكسر مصدر حسبت يعني بالكسر ونظيره : الكفران والشّكران.
وقيل : بل الحسبان والحسبان مصدران ، وهو قول أحمد بن يحيى ، وأنشد أبو عبيد عن أبي زيد في مجيء الحسبان مصدرا قوله : [الطويل]
٢٢٦٦ ـ على الله حسباني إذا النّفس أشرفت |
|
على طمع أو خاف شيئا ضميرها (٥) |
وانتصاب «حسبانا» على ما تقدّم من المفعولية ، أو الحالية.
وقال ثعلب عن الأخفش (٦) : إنه منصوب على إسقاط الخافض ، والتقدير : يجريان بحسبان ؛ كقوله : (لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) [الإسراء : ٦١] أي : من طين.
وقوله : «ذلك» إشارة إلى ما تقدّم من الفلق ، أو الجعل ، أو جميع ما تقدم من الأخبار في قوله «فالق الحبّ» إلى «حسبانا».
ومعنى الآية الكريمة : جعل الشمس والقمر بحسابي معلوم لا يجاوزانه حتى يتهيّئان إلى أقصى منازلهما (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) ف «العزيز» إشارة إلى كمال قدرته ، و «العليم» إشارة إلى كمال علمه ، والمعنى : أن تقدير أجرام الأفلاك بصفاتها المخصوصة وهيئتها المحدودة ، وحركاتها المقدرة بالمقادير المخصوصة في البطء والسرعة لا يمكن تحصيله إلّا بقدرة كاملة متعلقة بجميع الممكنات ، وعلم نافذ في جميع المعلومات من الكلّيّات والجزئيات ، وذلك مختص بالفاعل المختار سبحانه وتعالى.
__________________
(١) ينظر : إعراب القرآن ١ / ٢٠١.
(٢) ينظر : معاني القرآن ٢ / ٢٨٢.
(٣) ينظر : الإملاء ١ / ٢٥٤.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٠.
(٥) ينظر البيت في اللسان (حسب) ، تهذيب اللغة ٤ / ٣٣١ (حسب) ، الدر المصون ٢ / ١٣٥.
(٦) ينظر : معاني القرآن ٢ / ٢٨٢.